كتاب إمتاع الأسماع (اسم الجزء: 7)

ولأبى داود من حديث جرير، عن الأعمش، عن إبراهيم عن الأسود، عن عائشة رضى اللَّه عنها [قالت] : كان يؤمر العائن فيتوضأ، ثم يغتسل منه المعين [ (1) ] .
وللنسائى من حديث عمار بن زريق، عن عبد اللَّه بن عيسى، عن أمية
__________
[ () ] على رأسه وظهره، ثم يكفأ القدح، ففعل به ذلك، فراح سهل مع الناس ليس به بأس» لفظ أحمد من رواية أبى أويس عن الزهري.
(فتح الباري) ، ومنه تنبيهات:
الأول: اقتصر النووي في (الأذكار) على قوله: الاغتسال أن يقال للعائن: اغسل داخلة إزارك مما يلي الجلد، فإذا فعل صبّه على المنظور إليه، وهذا يوهم الانتصار على ذلك، وهو عجيب، ولا سيما وقد نقل في (شرح مسلم) كلام عياض بطوله.
الثاني: قال المازري: هذا المعنى مما لا يمكن تعليله ومعرفة وجهه من جهة العقل، فلا يرد لكونه لا يعقل معناه، وقال ابن العربيّ: إن توقف فيه متشرع قلنا له: قل اللَّه ورسوله أعلم- وقد عضدته التجربة، وصدقته المعاينة، أو متفلسف، فالرد عليه أظهر، لأن عنده الأدوية تفعل بقواها، وقد تفعل بمعنى لا يدرك، ويسمون ما هذا سبيله الخواص.
الثالث: هذا الغسل ينفع بعد استحكام النظرة، فأما عند الإصابة وقبل الاستحكام، فقد أرشد الشارع إلى ما يدفعه بقوله في قصة سهل بن حنيف المذكورة كما مضى: «ألا بركت عليه» ، وفي رواية ابن ماجة: «فليدع بالبركة» ، ومثله عند ابن السنى من حديث عامر بن ربيعة.
وأخرج البزار وابن السنى من حديث أنس رفعه: «من رأى شيئا. وأعجبه فقال: ما شاء اللَّه لا قوة إلا باللَّه، لم يضره» .
وفي الحديث من الفوائد أيضا: أن العائن إذا عرف يقضى عليه بالاغتسال، وأن الاغتسال من النشرة النافعة، وأن العين تكون مع الإعجاب، ولو بغير حسد، ولو من الرجل المحب، ومن الرجل الصالح.
وأن الّذي يعجبه الشيء ينبغي أن يبادر إلى الدعاء للذي يعجبه بالبركة، ويكون ذلك رقية منه، وأن الماء المستعمل طاهر، وفيه جواز الاغتسال بالفضاء، وأن الإصابة بالعين قد تقتل.
وقد اختلف في جريان القصاص بذلك، فقال القرطبي: لو أتلف العائن شيئا ضمنه، ولو قتل فعليه القصاص أو الدية إذا تكرر ذلك منه بحيث يصير عادة، وهو في ذلك كالساحر عند من لا يقتله كفرا، وقال النووي في (الروضة) : لا دية فيه ولا كفارة.
[ (1) ] (سنن أبى داود) : 4/ 210، كتاب الطب، باب (15) ما جاء في العين، حديث رقم (3880) ، والعائن: الّذي أصاب غيره بالعين، يراد به الحاسد، والمعين: - المصاب بعين غيره- أي المحسود.

الصفحة 389