كتاب إمتاع الأسماع (اسم الجزء: 7)

فضل ذكر جلسة رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم واحتبائه
[الاحتباء: أن يقعد على أليته وينصب ساقيه، ويحتوي عليهما بثوب أو نحوه، ويقال لهذا الفعل: الحبو، بضم الحاء وكسرها، والاحتباء عادة للعرب في مجالسهم] .
اعلم أنّ جلوس رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم في الجامع إما كان مربعا، أو محتبيا- وهو كان أكثر جلوسه- أو القرفصاء وشبهها من [جلسات] الوقار والتواضع.
وقد خرّج أبو داود من حديث يونس بن عبيد، عن عبيدة أبى خداش، عن أبى تميمة الهجيمي، عن جابر بن سليم قال: أتيت النبي صلى اللَّه عليه وسلم وهو محتب بشملة وقد وقع هدبها على قدميه [ (1) ] .
وخرجه النّسائى من حديث قرّة بن خالد، عن قرّة بن موسى الهجيمي قال: أتيت النبي صلى اللَّه عليه وسلم، وهو محتب ببردة، وإن هدبها لعلى قدميه قلت: يا رسول اللَّه! أوصني، قال: عليك باتقاء اللَّه، ولا تحقرن من المعروف شيئا، ولو أن تكلم أخاك ووجهك إليه منبسط، وإياك وإسبال الإزار فإنّها هي المخيلة وإن اللَّه لا يحبها. وذكر له [طرقا] ، وقد تقدم من رواية الإمام أحمد [ (2) ] .
__________
[ (1) ] (سنن أبى داود) : 4/ 339، كتاب اللباس، باب (23) في الهدب، حديث رقم (4075) . قوله:
«محتب» أراد أنه كان جالسا على هيئة الاحتباء، والشملة بالفتح، ما يشتمل به من الأكسية، أي يلتحف به.
[ (2) ]
قال: حدثنا عبد اللَّه، حدثني أبى، حدثنا عثمان، حدثنا حماد بن سلمة، حدثنا يونس، حدثنا عبيدة الهجيمي، عن أبى تميمة الهجيمي، قال: أتيت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم وهو محتب بشملة له، وقد وقع هدبها على قدميه، فقلت: أيكم محمد أو رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم؟ فأومأ بيده إلى نفسه، فقلت: يا رسول اللَّه، إني من أهل البادية، وفىّ جفاؤهم فأوصنى، فقال: لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى

الصفحة 61