كتاب إمتاع الأسماع (اسم الجزء: 8)

وخرّجه النسائي من طريق معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة [رضى اللَّه عنها] ، أن النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم قال في وجعه الّذي قبض فيه: صبّوا عليّ سبع قرب لم تحلل أوكيتهن لعلّى أعهد إلى الناس، فأجلسناه في مخضب لحفصة، فما زلنا نصب عليه، حتى طفق يشير إلينا أن قد فعلتنّ. وخرّجه من طريق سويد بن نصر قال: أنبأنا عبد اللَّه بن المبارك، عن معمر ويونس، ... كما تقدم أولا [ (1) ] .
__________
[ () ] الضرائر أمر فطري مألوف، قلّ أن تتنزه عنه امرأة، وكان عليّ وزوجه السيّدة فاطمة بنت رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم، يحاولان حمله صلّى اللَّه عليه وسلّم على التخفيف من حبه لعائشة، ويسفران لبقية أزواجه بما يرضيهن، ويغضب عائشة، وأظن أن مثل هذه السفارة مما لا تغفره أنثى البتة.
2- موقف على من عائشة في حادث الإفك.
3- إشارات عارضة استخرجتها من مواطنها، لأنها عظيمة الدلالة على رأى عائشة رضى اللَّه عنها في عليّ رضى اللَّه عنه، وعاطفتها نحوه.
الأولى:
فقد رواها عطاء بن يسار، قال: جاء رجل فوقع في عليّ وعمار رضى اللَّه عنهما عند عائشة فقالت: أما عليّ فلست قائلة لك فيه شيئا، وأما عمار رضى اللَّه عنه فإنّي سمعت رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم يقول: لا يخير بين أمرين إلا اختار أرشدهما. [أخرجه الإمام أحمد في (المسند) : 7/ 163، حديث رقم (24299) ] .
الثانية: نبّه إليها داهية بنى هاشم: عبد اللَّه بن عباس رضى اللَّه عنه، روى عن عائشة رضى اللَّه عنها أنها قالت: «لما اشتد بالرسول وجعه دعا نساءه فاستأذنهن أن يمرّض في بيتي. فأذن له، فخرج رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم بين رجلين من أهله، أحدهما الفضل بن العباس، ورجل آخر تخط قدماه الأرض، عاصبا رأسه حتى دخل بيتي» .
قال راوي الحديث: فحدّثت بهذا الحديث عبد اللَّه بن عباس فقال: هل تدري من الرجل الآخر؟
قلت: لا، قال: على بن أبى طالب، ولكنها لا تقدر على أن تذكره بخير وهي تستطيع.
حتى بعد انقضاء حرب الجمل، وانتهاء الأمر بينهما على خير وتبادل ثناء، لم يزل ما بنفسها نحوه، فقد ذكروا أنه لما انتهى إلى عائشة قتل عليّ، قالت متمثلة:
فألقت عصاها واستقر بها النوى ... كما قرّ عينا بالإياب المسافر
[ (1) ] (سنن النسائي) : 4/ 435- 436، كتاب الإمامة، باب (40) الائتمام بالإمام يصلى قاعدا، حديث رقم (833) بسياقة أخرى، ولعلّ السياقة التي أوردها المقريزي من (الكبرى) .

الصفحة 21