كتاب إمتاع الأسماع (اسم الجزء: 8)

وخرّجه البخاري وأبو داود، من حديث مالك، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة [رضى اللَّه عنها] ، أن النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذات، وينفث، فلما اشتد وجعه، كنت أقرأ عليه وأمسح بيده رجاء بركتها. ذكره البخاري في كتاب فضائل القرآن [ (1) ] ، وذكره في آخر كتاب المغازي من حديث يونس، عن ابن شهاب [ (2) ] .
وفي كتاب الطب بهذا السند، ولفظه: كان النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم إذا أوى إلى فراشه نفث في كفيه بقل هو اللَّه أحد وبالمعوذتين جميعا، ثم يمسح بهما وجهه، وما بلغت يداه من جسده، قالت عائشة رضى اللَّه عنها: فلما اشتكى كان
__________
[ () ] قال أبو عبيد: يشترط في التفل ريق يسير، ولا يكون في النفث، وقيل: عكسه.
وسئلت عائشة عن نفث النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم في الرقية فقالت: كما ينفث آكل الزبيب لا ريق معه.
قال: ولا اعتبار بما يخرج عليه من بلة، ولا يقصد ذلك، وقد جاء في حديث الّذي رقى بفاتحة الكتاب فجعل يجمع بزاقه ويتفل.
قال القاضي: وفائدة التفل التبرك بتلك الرطوبة والهواء والنفس المباشرة للرقية والذكر الحسن، لكن قال: كما يتبرك بغسالة ما يكتب من الذكر والأسماء الحسنى، وكان مالك ينفث إذا رقى نفسه، وكان يكره الرقية بالحديدة: والملح، والّذي يعقد، والّذي يكتب خاتم سليمان، والعقد عنده أشد كراهة، لما فيه من مشابهة السحر.
وفي هذا الحديث: استحباب الرقية بالقرآن، والأذكار، وإنما رقى بالمعوذات لأنهن جامعات للاستعاذة من كل المكروهات جملة وتفصيلا، ففيها الاستفادة من شر ما خلق، فيدخل فيه كل شيء، ومن شر النفاثات في العقد، ومن السواحر، ومن شر الحاسدين، ومن شر الوسواس الخناس، واللَّه تعالى أعلم. (مسلم بشرح النووي) : 14/ 431- 433.
[ (1) ] (فتح الباري) : 9/ 76، كتاب فضائل القرآن، باب (14) فضل المعوذات، حديث رقم (5016) .
وأخرج من حديث ابن شهاب، عن عروة، عائشة رضى اللَّه عنها، حديث رقم (5017) ولفظه:
«أن النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم كان إذا أوى إلى فراشه كل ليلة، جمع كفيه ثم نفث فيهما، فقرأ فيهما قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ وقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ، ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده، يبدأ بهما على رأسه ووجهه، وما أقبل من جسده، يفعل ذلك ثلاث مرات» .
[ (2) ] (فتح الباري) : 8/ 166، كتاب المغازي، باب (84) مرض النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم ووفاته، حديث رقم (4439) .

الصفحة 53