كتاب إمتاع الأسماع (اسم الجزء: 8)

صلّى اللَّه عليه وسلّم احتجم وهو محرم، واحتجم وهو صائم. ومثله للنسائى [ (1) ] .
وفي لفظ البخاري: أن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم احتجم وهو محرم في رأسه، من شقيقة كانت به. ذكره في الحجامة من الشقيقة والصداع.
وله من حديث سالم الأفطس، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضى اللَّه [عنهما] ، عن النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم قال: الشفاء في ثلاثة: شرطة محجم، أو شربة عسل، أو كية بنار، وأنا أنهى أمتى عن الكي. ذكره في كتاب الطب، في باب: الشفاء في ثلاث [ (2) ] . وذكره في باب: الحجامة من الشقيقة، من
__________
[ (1) ] (سنن النسائي) : 5/ 212، كتاب المناسك، باب (92) الحجامة للمحرم، حديث رقم (2845) ، (2846) ، (2847) من طرق.
[ (2) ] (فتح الباري) : 10/ 189، كتاب الطب، باب (15) الحجامة من الشقيقة والصداع، حديث رقم (5701) .
قوله: «باب الحجامة من الشقيقة والصداع» أي بسببهما، والشقيقة- بشين معجمة وقافين- وزن عظيمة: وجع يأخذ في أحد جانبي الرأس أو في مقدمه، وذكر أهل الطب أنه من الأمراض المزمنة، وسببه أبخرة مرتفعة، أو أخلاط حارة، أو باردة، ترتفع إلى الدماغ، فإن لم تجد منفذا لها أحدثت الصداع، فإن مال إلى أحد شقي الرأس أحدث الشقيقة، وإن ملك قمة الرأس أحدث داء البيضة. وذكر الصداع بعده من ذكر العام بعد الخاص.
وأسباب الصداع كثيرة جدا: منها ما تقدم، ومنها ما يكون عن ورم في المعدة أو في عروقها، أو ريح غليظة فيها أو لامتلائها، ومنها ما يكون من الحركة العنيفة كالجماع والقيء، والاستفراغ، أو السهر، أو كثرة الكلام.
ومنها ما يحدث عن الأعراض النفسانية كالهم والغم والحزن والجوع والحمى، ومنها ما يحدث عن حادث في الرأس كضربة تصيبه، أو ورم في صفاق الدماغ، أو حمل شيء ثقيل يضغط الرأس، أو تسخينه بلبس شيء خارج عن الاعتدال، أو تبريده بملاقاة الهواء أو الماء في البرد.
وأما الشقيقة بخصوصها فهي شرايين الرأس وحدها، وتختص بالموضع الأضعف من الرأس، وعلاجها بشد العصابة.
وقد أخرج الإمام أحمد من حديث بريدة «أنه صلّى اللَّه عليه وسلّم كان ربما أخذته الشقيقة، فيمكث اليوم واليومين لا يخرج» وفي الوفاة النبويّة حديث ابن عباس «خطبنا رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم وقد عصب رأسه» (فتح الباري) .

الصفحة 57