كتاب إمتاع الأسماع (اسم الجزء: 11)

المحبة وتمامها، وإذا ثبت لهذه الوجوه وغيرها وجوب الصلاة على من ذكر عنده، فوجوبها على الذاكر أولى.
ونظير هذا أن السامع آية السجدة إذا أمر بالسجود إما وجوبا واستحبابا على القولين فوجوبها على التالي أولى،

واحتج نفاة الوجوب بوجوه:

أحدها:
أنه من المعلوم الّذي لا ريب فيه أن السلف الصالح الذين هم القدوة لم يكن أحدهم كلما ذكر النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم يقرن الصلاة عليه باسمه، وهذا في خطابهم للنّبيّ صلّى اللَّه عليه وسلّم أكثر من أن يذكر، فإنّهم كانوا يقولون: يا رسول اللَّه، مقتصرين على ذلك، وربما كان يقول أحدهم: صلى اللَّه عليك، وهذا في الأحاديث ظاهر كثير، فلو كانت الصلاة عليه واجبة عند ذكره لأنكر عليه تركها.

الثاني:
أن الصلاة عليه لو كانت واجبة كما ذكر لكان هذا من أظهر الواجبات، ولبينه لأمته بيانا يقطع العذر وتقوم به الحجة.

الثالث:
أنه لا يعرف عند أحد من الصحابة ولا التابعين ولا تابعيهم هذا القول، ولا يعرف أحد منهم قال به، وأكثر الفقهاء حكى الإجماع على أن الصلاة عليه ليست من فروض الصلاة، وقد نسب القائل بوجوبها إلى الشذوذ، ومخالفة الإجماع، فكيف خارج الصلاة؟.

الرابع:
لو وجبت الصلاة عليه عند ذكره دائما لوجب على المؤذن أن يقول: أشهد أن محمدا رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم، ولا يشرع له في الأذان فضلا عن أن تجب عليه.

الخامس:
أنه كان يجب على من سمع النداء ويجيبه أن يصلي عليه، وقد أمر صلّى اللَّه عليه وسلّم أن نقول كما يقول المؤذن، وهذا دليل على جواز اقتصاره على قوله: أشهد أن لا إله إلا اللَّه، أشهد أن محمدا رسول اللَّه، هذا هو مثل ما قال المؤذن.

السادس:
أن التشهد الأول ينتهى عند قوله: وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اتفاقا، واختلف هل يشرع أن يصلي على النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم وعلى آله في التشهد الأخير أم لا؟ على ثلاثة أقوال: قيل: لا يشرع الصلاة عليه خاصة دون آله، ولم يقل أحد بوجوبها في التشهد الأول عند ذكر النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم.

الصفحة 13