كتاب إمتاع الأسماع (اسم الجزء: 11)

والركوع والسجود والطمأنينة في الصلاة، قالوا: والفرائض تثبت بالدليل الصحيح، لا معارض له من مثله أو بإجماع من تقوم الحجة بإجماعهم، فهذا جل ما احتج به نفاة الوجوب، وعارضهم من ذهب إلى الوجوب بأن قالوا: إنما نسبتكم الشافعيّ رحمه اللَّه ومن قال بقوله في هذه المسألة إلى الشذوذ ومخالفة الإجماع فغير مسلم به. فقد قال بقوله جماعة من الصحابة ومن بعدهم، منهم عبد اللَّه بن مسعود وأبو مسعود فإنه كان يراها واجبة، ويقول: لا صلاة لمن لا يصلى فيها على النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم، وذكره ابن عبد البر من طريق عثمان بن أبي شيبة عن شريك عن جابر الجعفي عن أبى جعفر محمد بن علي عن أبي مسعود قال: ما أرى أن صلاة لي تمت حتى أصلى فيها على محمد وعلى آل محمد.
وعبد اللَّه بن عمر ذكر أن الحسن بن شبيب المعمري، حدثنا علي بن ميمون، حدثنا خالد بن حيان عن جعفر بن برقان عن عقبة بن نافع عن ابن عمر أنه قال: لا تكون الصلاة إلا بقراءة وتشهد وصلاة على النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم فإن نسيت شيئا من ذلك فاسجد سجدتين بعد الصلاة. ومن التابعين أبو جعفر محمد بن على والشعبي ومقاتل بن حيان وبه قال إسحاق بن راهويه قال: إن تركها عمدا لم تصح صلاته وإن تركها سهوا رجوت أن تجزئه.
وعن إسحاق في ذلك روايتان، ذكرهما حرب في مسأله في باب الصلاة على النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم بعد التشهد، قال: سألت إسحاق قلت: الرجل إذا تشهد فلم يصل على النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم قال: أما أنا فأقول: إن صلاته جائزة وقال الشافعيّ:
لا تجوز صلاته، ثم قال: أنا أذهب إلى حديث الحسن بن الحر عن القاسم بن مخيرة، فذكر حديث ابن مسعود قال: وسمعت أبا يعقوب يعنى إسحاق يقول:
إذا فرغ من التشهد- إماما كان أو مأموما- لا يجزئه غير ذلك، لقول أصحاب رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم: قد عرفنا السلام عليك يعنى في التشهد فكيف الصلاة عليك؟ فأنزل اللَّه تعالى: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ، وفسّر النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم كيف هي؟ فأدنى ما ذكر عن النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم عليه يكفيك قليله بعد التشهد، والتشهد والصلاة على النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم في الجلسة الأخيرة هما عملان لا يجوز لأحد أن يترك واحدا منهما عمدا، وإن كان ناسيا رجونا أن تجزئه مع أن بعض

الصفحة 96