كتاب إمتاع الأسماع (اسم الجزء: 14)
قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: أخرجي عني- يعني هؤلاء- فهذا الملك يستأذن عليّ فخرج من البيت غيري، ورأسه في حجري، فجلس رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم وتنحيت في ناحية البيت، فناجى الملك طويلا، ثم إنه دعاني ورأسه في حجري، وقال للنسوة: ادخلن، فقلن: ما هذا بحسّ جبريل، فقال رسول صلى اللَّه عليه وسلم أجل يا عائشة هذا ملك الموت جاءني، فقال: إن اللَّه عزّ وجلّ أرسلني إليك، وأمرني أن لا أدخل عليك إلا بإذن، فإن لم تأذن لي لم أدخل عليك، وإن أذنت لي دخلت، وأمرني أن لا أقبضك حتى تأمرني، فمرني أمرك، فقلت: اكفف حتى يأتيني جبريل، فهذه ساعة جبريل، واستقبلنا بأمر لم يكن عندنا جواب ولا رأي وجوهنا، وكأني ضربنا بصاخة ما يخسر إليه شيئا، وما يتكلم أحد من أهل البيت إعظاما لذلك الأمر وهيبته وقد ملأت جوا.
قال سيف: عن سعيد بن عبد اللَّه بن أبي مليكة، عن عائشة- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنها- قالت: وجاء جبريل- عليه الصلاة والسلام- في ساعته فسلم فعرفنا حسّه، وخرج أهل البيت ودخل، فقال: إن اللَّه عز وجل يقرأ عليك السلام يا محمد ويقول: كيف تجدك؟ وهو أعلم بالذي تجد منك، ولكن أراد أن يزيدك كرامة وشرفا على الخلق، وأن يكون سنة في أمتك فقال صلى اللَّه عليه وسلم: أجدني راجعا فقال: أبشر فإن اللَّه عزّ وجلّ أراد أن يبلغك ما أعدّ لك، فقال صلى اللَّه عليه وسلم: يا جبريل إن ملك الموت استأذن عليّ وأخبره الخبر، فقال جبريل- عليه السلام-: إن ربك متمّ شرفك، وهو إليك مشتاق، قال: فلا تبرح إذا حتى يجئ وأذن للنساء، فقال: أدن يا فاطمة، فأكبّت عليه، فناجاها، فرفعت رأسها وعيناها تذرفان وما تطيق الكلام، ثم قال: أدن مني رأسك، فأكبت عليه، فناجاها، فرفعت رأسها وهي تضحك، وما تطيق الكلام، وكان الّذي رأينا منها عجبا، فسألناها بعد ذلك فقالت: أخبرني أنه قال:
إني ميت، فبكيت ثم قال: إني دعوت اللَّه أن يلحقك بي في أول أهلي، وأن يجعلك معي فأضحكني ذلك.
قال: جاء ملك الموت فسلم واستأذن فأذن له، قال ملك الموت أفتأمرنا يا محمد؟ فقال: ألحقني بربي الآن، فقال: بل من يومك هذا، أما إن ربك
الصفحة 505
640