كتاب إمتاع الأسماع (اسم الجزء: 14)

قال أبو بكر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- يرثي رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم
يا عيني فابكي ولا تسأمي ... وحق البكاء على السيد!
علي خير خندف عند البلاء ... أمسى بغيب في الملحد
فصلى المليك ولي العباد ... ورب البلاد على أحمد
فكيف الحياة لفقد الحبيب ... وزين المعاشر في المشهد؟
فليت الممات لنا كلنا ... وكنا جميعا مع المهتدي
قال أبو بكر الصديق- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- يبكي رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم
لما رأيت نبينا متجدلا ... ضاقت عليّ بعرضهن الدور
وأرتعت روعة مستهام واله ... والعظم مني واهن مكسور
اعتيق ويحك! إن حبك قد ثوى ... وبقيت منقردا وأنت حسير
ياليتنى من قبل مهلك صاحبي ... غيبت في جدث عليّ صخور!
فلتحدثن بدائع من بعده ... تعيا بهن حوائج وصدور
قال أيضا: - رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه-
باتت تأوبني هموم ... حشد ... مثل الصخور فأمست هدت الجسدا
ياليتنى حيث نبئت الغداة به ... قالوا الرسول قد أمسى ميتا فقدا
ليت القيامة قامت بعد مهلكه ... ولا نرى بعده مالا ولا ولدا!
واللَّه اثني على شيء فجعت به ... من البرية حتى أدخل اللحدا
كم لي بعدك من هم يصبى ... إذا تذكرت أنى لما أراك بدا!
كان المصطفى في الأخلاق قد علموا ... وفي العفاف فلم نعدل به أحدا
نفسي فداؤك من ميت ومن بدن ... ما أطيب الذكر والأخلاق والجسدا!
قال الصوري قلت: هذه الأقطاع مصنوعة قبيحة الصنعة وتلك الألفاظ والحال فيها أظهر من أن يدل عليها، وقد ذكرها محمد بن إسحاق في كتابه أيضا وذكر غيرها ولو كنا جميعا من ذكرها لكان أجمل بها من إضافتها مثل هذا الشعر مع ركاكة ألفاظه وخلوة من المعاني كلها إلى الصديق- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- وهو من قريش الموصوفين بالبلاغة والفصاحة المعروفين بالجزالة والرجاحة يرضي لنفسه بإضافة مثل هذا إليه عقله وفضله بإيمان ذلك عليه، وكان الواقدي لم يذكر شيئا من شعر حسان بما رثى به النبي صلى اللَّه عليه وسلم على قول ابن أبي الزياد وما حكاه عن شيوخ الأنصار فأحرى به ألا يذكر شيئا عن

الصفحة 594