كتاب الكفاية في علم الرواية للخطيب البغدادي

حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نَصْرٍ الدِّينَوَرِيُّ , قَالَ: سَمِعْتُ حَمْزَةَ بْنَ يُوسُفَ السَّهْمِيَّ , يَقُولُ: سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيَّ قُلْتُ لَهُ: إِذَا قُلْتَ: فُلَانٌ لَيِّنٌ , إِيشْ تُرِيدُ بِهِ؟ , قَالَ: §«لَا يَكُونُ سَاقِطًا مَتْرُوكَ الْحَدِيثِ , وَلَكِنْ مَجْرُوحًا بِشَيْءٍ لَا يُسْقِطُ عَنِ الْعَدَالَةِ»
وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ الرَّازِيُّ فِيمَا أَخْبَرَنِي بِهِ أَبُو زُرْعَةَ رَوْحُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْقَاضِي إِجَازَةً شَافَهَنِي بِهَا , أَنَّ عَلِيَّ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ الْقَصَّارَ أَخْبَرَهُمْ عَنْهُ: §" وَجَدْتُ الْأَلْفَاظَ فِي الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ عَلَى مَرَاتِبَ شَتَّى , فَإِذَا قِيلَ لِلْوَاحِدِ: إِنَّهُ ثِقَةٌ , أَوْ مُتْقِنٌ , فَهُوَ مِمَّنْ يُحْتَجُّ بِحَدِيثِهِ. وَإِذَا قِيلَ: إِنَّهُ صَدُوقٌ , أَوْ مَحِلُّهُ الصِّدْقُ , أَوْ لَا بَأْسَ بِهِ , فَهُوَ مِمَّنْ يُكْتَبُ حَدِيثُهُ وَيُنْظَرُ فِيهِ , وَهِيَ الْمَنْزِلَةُ الثَّانِيَةُ , وَإِذَا قِيلَ: شَيْخٌ , فَهُوَ بِالْمَنْزِلَةِ الثَّالِثَةِ يُكْتَبُ حَدِيثُهُ وَيُنْظَرُ فِيهِ , إِلَّا أَنَّهُ دُونَ الثَّانِيَةِ , وَإِذَا قِيلَ: صَالِحُ الْحَدِيثِ , فَإِنَّهُ يُكْتَبُ حَدِيثُهُ لِلِاعْتِبَارِ , وَإِذَا أَجَابُوا فِي الرَّجُلِ بِلَيِّنِ الْحَدِيثِ , فَهُوَ مِمَّنْ يُكْتَبُ حَدِيثُهُ وَيُنْظَرُ فِيهِ اعْتِبَارًا , وَإِذَا قَالُوا: لَيْسَ بِقَوِيٍّ , فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْأَوَّلِ فِي كَتْبِ حَدِيثِهِ إِلَّا أَنَّهُ دُونَهُ , وَإِذَا قَالُوا: ضَعِيفُ الْحَدِيثِ , فَهُوَ دُونَ الثَّانِي لَا يُطْرَحُ حَدِيثُهُ بَلْ يُعْتَبَرُ بِهِ , وَإِذَا قَالُوا: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ , أَوْ ذَاهِبُ الْحَدِيثِ أَوْ كَذَّابٌ , فَهُوَ سَاقِطُ الْحَدِيثِ لَا يُكْتَبُ حَدِيثُهُ وَهِيَ الْمَنْزِلَةُ الرَّابِعَةُ "
§وَصْفُ مَنْ يُحْتَجُّ بِحَدِيثِهِ وَيَلْزَمُ قَبُولُ رِوَايَتِهِ عَلَى الْإِجْمَالِ دُونَ التَّفْصِيلِ
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْكَاتِبُ، أنا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمٍ الْخُتُلِّيُّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُوسَى الْجَوْهَرِيُّ , (ح) وَأَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْبَزَّازُ بِهَمَذَانَ، ثنا أَبُو الْفَضْلِ صَالِحُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْحَافِظُ لَفْظًا، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ حَمْدَانَ الطَّرَائِفِيُّ , قَالَا: ثنا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ , قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: " §قَالَ لِي قَائِلٌ: احْدُدْ لِي أَقَلَّ مَا تَقُومُ بِهِ الْحُجَّةُ عَلَى أَهْلِ الْعِلْمِ حَتَّى يَثْبُتَ عَلَيْهِمْ خَبَرُ -[24]- الْخَاصَّةِ , فَقُلْتُ: خَبَرُ الْوَاحِدِ عَنِ الْوَاحِدِ حَتَّى يُنْتَهَى بِهِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَّ , أَوْ مَنِ انْتَهَى بِهِ إِلَيْهِ دُونَهُ , وَلَا تَقُومُ الْحُجَّةُ بِخَبَرِ الْخَاصَّةِ حَتَّى يَجْمَعَ أُمُورًا , مِنْهَا أَنْ يَكُونَ مَنْ حَدَّثَ بِهِ ثِقَةً فِي دِينِهِ , مَعْرُوفًا بِالصِّدْقِ فِي حَدِيثِهِ , عَاقِلًا بِمَا يُحَدِّثُ بِهِ , عَالِمًا بِمَا يُحِيلُ مَعَانِيَ الْحَدِيثِ مِنَ اللَّفْظِ , أَوْ أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يُؤَدِّي الْحَدِيثَ بِحُرُوفِهِ كَمَا سَمِعَهُ , لَا يُحَدِّثُ بِهِ عَلَى الْمَعْنَى , لِأَنَّهُ إِذَا حَدَّثَ بِهِ عَلَى الْمَعْنَى وَهُوَ غَيْرُ عَالِمٍ بِمَا يُحِيلُ مَعْنَاهُ لَمْ يَدْرِ لَعَلَّهُ يُحِيلُ الْحَلَالَ إِلَى الْحَرَامِ , وَإِذَا أَدَّاهُ بِحُرُوفِهِ فَلَمْ يَبْقَ وَجْهٌ يُخَافُ فِيهِ إِحَالَتُهُ لِلْحَدِيثِ , حَافِظًا إِنْ حَدَّثَ مِنْ حِفْظِهِ , حَافِظًا لِكِتَابِهِ إِنْ حَدَّثَ مِنْ كِتَابِهِ , إِذَا شَرِكَ أَهْلَ الْحِفْظِ فِي الْحَدِيثِ وَافَقَ حَدِيثَهُمْ , بَرِيئًا مِنْ أَنْ يَكُونَ مُدَلِّسًا , يُحَدِّثُ عَمَّنْ لَقِيَ مَا لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ , وَيُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَّ بِمَا يُحَدِّثُ الثِّقَاتُ خِلَافَهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَّ , وَيَكُونُ هَكَذَا مَنْ فَوْقَهُ مِمَّنْ حَدَّثَهُ حَتَّى يَنْتَهِيَ الْحَدِيثُ مَوْصُولًا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَّ , أَوْ إِلَى مَنِ انْتَهَى بِهِ إِلَيْهِ دُونَهُ , لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مُثْبِتٌ لِمَنْ حَدَّثَهُ , وَمُثْبَتٌ عَلَى مَنْ حَدَّثَ عَنْهُ , فَلَا يُسْتَغْنَى فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَمَّا وَصَفْتُ "

الصفحة 23