كتاب الكفاية في علم الرواية للخطيب البغدادي
§فَصْلٌ وَمَنْ لَمْ يَرْوِ غَيْرَ حَدِيثٍ أَوْ حَدِيثَيْنِ , وَلَمْ يُعْرَفْ بِمُجَالَسَةِ الْعُلَمَاءِ وَكَثْرَةِ الطَّلَبِ , غَيْرَ أَنَّهُ ظَاهِرُ الصِّدْقِ مَشْهُودٌ لَهُ بِالْعَدَالَةِ , قُبِلَ حَدِيثُهُ , حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا , وَكَذَلِكَ إِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَعْنِي مَا رَوَى , لَمْ يَكُنْ بِذَلِكَ مَجْرُوحًا , لِأَنَّهُ لَيْسَ يُؤْخَذُ عَنْهُ فِقْهُ الْحَدِيثِ , وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ مِنْهُ لَفْظُهُ , وَيُرْجَعُ فِي مَعْنَاهُ إِلَى الْفُقَهَاءِ فَيَجْتَهِدُونَ فِيهِ بِأرَائِهِمْ وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ
مَا أَخْبَرَنَاهُ أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْقَزْوِينِيُّ، أنا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَلَمَةَ الْقَطَّانُ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ الْكُدَيْمِيُّ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ الْخُرَيْبِيُّ، ثنا عَلِيُّ بْنُ صَالِحٍ , عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ , عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ , عَنْ أَبِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ , قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَّ: §«نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مِنَّا حَدِيثًا فَحَفِظَهُ حَتَّى يُبَلِّغَهُ إِلَى مَنْ هُوَ أَحْفَظُ مِنْهُ , وَيُبَلِّغُهُ مَنْ هُوَ أَحْفَظُ مِنْهُ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ , فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ لَيْسَ بِفَقِيهٍ» وَقَدْ قَبِلَ عُلَمَاءُ السَّلَفِ مَا رَوَاهُ النِّسَاءُ وَالْعَبِيدُ وَمَنْ لَيْسَ بِفَقِيهٍ , وَإِنْ لَمْ يَرْوِ أَحَدُهُمْ غَيْرَ حَدِيثٍ أَوْ حَدِيثَيْنِ , فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ يُقْبَلُ خَبَرُ الْعَبْدِ وَلَيْسَ هُوَ مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ؟ قُلْنَا: لِإِجْمَاعِ النَّاسِ عَلَى ذَلِكَ , مَعَ أَنَّ جَمَاعَةً مِنَ السَّلَفِ أَجَازُوا شَهَادَةَ الْعَبْدِ الْعَدْلِ , وَلِأَنَّ الشَّاهِدَ يُوَافِقُ الْمُخْبِرَ فِي بَعْضِ صِفَاتِهِ , وَيُفَارِقُهُ فِي بَعْضِهَا
الصفحة 93