كتاب الكفاية في علم الرواية للخطيب البغدادي
§بَابُ ذِكْرِ مَا يَسْتَوِي فِيهِ الْمُحَدِّثُ وَالشَّاهِدُ مِنَ الصِّفَاتِ , وَمَا يَفْتَرِقَانِ فِيهِ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْمَالِكِيُّ , أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ الطَّيِّبِ قَالَ: لَا خِلَافَ فِي وُجُوبِ قَبُولِ خَبَرِ مَنِ اجْتَمَعَ فِيهِ جَمِيعُ صِفَاتِ الشَّاهِدِ فِي الْحُقُوقِ , مِنَ الْإِسْلَامِ , وَالْبُلُوغِ , وَالْعَقْلِ , وَالضَّبْطِ , وَالصِّدْقِ , وَالْأَمَانَةِ , وَالْعَدَالَةِ إِلَى مَا شَاكَلَ ذَلِكَ , وَلَا خِلَافَ أَيْضًا فِي وُجُوبِ اتِّفَاقِ الْمُخْبِرِ وَالشَّاهِدِ فِي الْعَقْلِ وَالتَّيَقُّظِ وَالذِّكْرِ , فَأَمَّا مَا يَفْتَرِقَانِ فِيهِ فَوُجُوبُ كَوْنِ الشَّاهِدِ حُرًّا , وَغَيْرَ وَالِدٍ وَلَا مَوْلُودٍ وَلَا قَرِيبٍ قَرَابَةً تُؤَدِّي إِلَى ظِنَّةٍ , وَغَيْرَ صِدِّيقٍ مُلَاطِفٍ , وَكَوْنِهِ رَجُلًا إِذَا كَانَ فِي بَعْضِ الشَّهَادَاتِ , وَأَنْ يَكُونَ اثْنَيْنِ فِي بَعْضِ الشَّهَادَاتِ , وَأَرْبَعَةً فِي بَعْضِهَا , وَكُلُّ ذَلِكَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فِي الْمُخْبِرِ , لِأَنَّنَا نَقْبَلُ خَبَرَ الْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ وَالصَّدِيقِ وَغَيْرِهِ قُلْتُ فَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي
أَخْبَرَنَاهُ الْقَاضِي أَبُو عُمَرَ الْقَاسِمُ بْنُ جَعْفَرٍ الْهَاشِمِيُّ، ثنا أَبُو بِشْرٍ عِيسَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ دَسْتَكُوتَا، ثنا الْقَاسِمُ بْنُ نَصْرٍ الْمَخْرَمِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارٍ الْهَاشِمِيُّ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ , عَنْ صَالِحٍ وَهُوَ ابْنُ حَسَّانَ , عَنْ -[95]- مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَّ قَالَ: §«لَا تَكْتُبُوا الْعِلْمَ إِلَّا مِمَّنْ تَجُوزُ شَهَادَتُهُ» فَإِنَّ صَالِحَ بْنَ حَسَّانَ تَفَرَّدَ بِرِوَايَتِهِ , وَهُوَ مِمَّنِ اجْتَمَعَ نُقَّادُ الْحَدِيثِ عَلَى تَرْكِ الِاحْتِجَاجِ بِهِ , لِسُوءِ حِفْظِهِ وَقِلَّةِ ضَبْطِهِ , وَكَانَ يَرْوِي هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ , تَارَةً مُتَّصِلًا وَأُخْرَى مُرْسَلًا , وَيَرْفَعُهُ تَارَةً وَيُوقِفُهُ أُخْرَى , وَأَنَا أَسُوقُ رِوَايَاتِهِ لَهُ عَلَى اخْتِلَافِهَا عَنْهُ
الصفحة 94