كتاب ابن حزم وموقفه من الإلهيات عرض ونقد

كان ينتهي إلى رجل عربى صميم لكان لقائل أن يقول، أما وهو ينتهي إلى مولى لا شان له ولا خطر وليس في أسمائه اسم يعرف بمأثرة، أو يقرن به ما عسى أن يخلده أو يشهره، فمن العجيب حقا أن نراه مخلدا محفوظا كأنساب السادة البارزين .. ثم يقول بعد أن ساق كلام ابن حيان - وإذن فابن حزم خرج من أسرة من أهل أسبانيا الغربية وكانت تقيم في لبلة وكانت تدين بالنصرانية وظلت على نصرانيتها بعد الفتح الإسلامي أمدا غير قصير حتى اعتنق حزم - الذي يحمل اسمه وينتسب إلي صاحبنا - الإسلام في منتصف القرن الثالث الهجري فيما نقدر .. ". (¬١)
تلك نصوص أقوال بعض القائلين بإسبانية ابن حزم - ابن حيان، وابن سعيد، وسانتشث، والحاجرى - ونحب بعد هذا العرض لها ووضعها جلية أمام القارىء من غير تحريف لكلماتها أو تغيير لعباراتها، أن نقلب بعض طياتها لنرى هل لهذا الرأي قاعدة اعتمد عليها أو أنه ظهر بدونها، وسنبدأ المناقشة من الطرف.
فعن قول الدكتور الحاجري ومحاولته الجادة ترجيح أسبانية ابن حزم. نقول: أما قوله إن "حزم هو رأس هذه الأسرة" - وقد نفى بعد ذلك أن يكون هو الذي ادعى لنفسه هذا النسب المتسلسل وأنه من صنع تلاميذه وأتباعه - يخالف هذا ذكر أبي محمد في كتابه طوق الحمامة اسم جده، "غالب" إذ يقول: "عن ابن عمه أبي المغيرة عبد الوهاب أحمد بن عبد الرحمن بن حزم بن غالب" (¬٢) فيظهر لنا أن حزما ليس رأس هذه الأسرة وإن أراد بكونه رأس هذه الأسرة. أنه أول من أسلم من أجداده على ما ذكر بعد ذلك، فيخالف هذا ذكر
---------------
(¬١) ابن حزم صورة أندلسية للدكتور طه الحاجري ص ١٤ - ١٧.
(¬٢) طوق الحمامة لابن حزم ص ٢١٧.

الصفحة 21