كتاب ابن حزم وموقفه من الإلهيات عرض ونقد

الناشىء الطرى ولا لأصته المترفة. فمنذ بلغ الخامسة عشر من عمره تقريبًا عاش فترة من تاريخ الأندلس مملوءة بالاضطرابات والفتن.
فقد توفي الحاجب المظفر في السادس عشر من شهر صفر سنة تسع وتسعين وثلاثمائة وخلفه أخوه عبد الرحمن بن المنصور وكان على الضد من أبيه، وأخيه فمنه انفتح باب الفتنة العظمى فقد خلط وتسمى ولي العهد وبقى كذلك أربعة أشهر إلى أن قام عليه محمد بن هشام بن عبد الجبار. يوم الثلاثاء لثمان عشرة ليلة خلت من جمادى الآخرة سنة تسع وتسعين وثلاثمائة. فخلع هشام بن الحكم وأسلمت الجيوش عبد الرحمن بن محمد ابن أبي عامر فقتل وصلب. (¬١)
وتسمى محمد بن هشام بالمهدي، ويصور لنا أبو محمد بن حزم ما جرى لهم في هذا الأثناء بانتقالهم من دورهم المحدثة إلى القديمة فيقول: "ثم انتقل أبي رحمه الله من دورنا المحدثة بالجانب الشرقي من قرطبة في ربض الزاهرة إلى دورنا القديمة في الجانب الغربي من قرطبة ببلاط مغيث في اليوم الثالث من قيام أمير المؤمنين محمد المهدي بالخلافة وانتقلت أنا بانتقاله وذلك في جمادى الآخرة سنة تسع وتسعين وثلاثمائة (¬٢).
ذاقت أصة أحمد بن حزم الوزير معه مرارة هذه المحنة بإجلائهم من منازلهم التي سبق وصفها، (¬٣) واستقروا في منازلهم القديمة أيام محمد المهدى ولكنها لم تطل فقد ائتمر على الغدر به بعض العبيد العامريين فقتلوه يوم الأحد السابع من ذي الحجة سنة أربعمائة
---------------
(¬١) انظر جذوة المقتبس للحميدي ص ١٧، ١٨.
(¬٢) طوق الحمامة لابن حزم ص ٢٥٠، ٢٥١.
(¬٣) انظر ص ٣٣، ٣٤.

الصفحة 38