كتاب ابن حزم وموقفه من الإلهيات عرض ونقد

وأعادوا هشام بن الحكم المؤيد إلى الأمر، وبعد هذا اشتدت المحنة على الوزير يقول أبو محمد: "ثم شغلنا بعد قيام أمير المؤمنين هشام المؤيد بالنكبات وباعتداء أرباب دولته، وامتحنا بالاعتقال، والترقيب، والإغرام، الفادح، والاستتار، وأرزمت الفتنة وألقت باعها وعمت الناس وخصتنا". (¬١)
وفي هذا الأثناء كانت جيوش البربر تحاصر قرطبة مع سليمان بن الحكم بن سليمان، وقد اجتاحها الطاعون يقول أبو محمد: "توفى أخي - رحمه الله - في الطاعون الواقع بقرطبة في شهر ذي القعدة سنة إحدى وأربعمائة وهو ابن اثنتين وعشرين سنة". (¬٢)
ثم ماتت زوجته بعده بسنة، (¬٣) ثم دهى صاحبنا بوفاة والده بنفس الشهر الذي ماتت فيه زوجة أخيه تقريبًا، وقد كان امتحانهم مستمرًا إلى حين وفاة والده (¬٤) لأنه كان من أجله لولائه لبني عامر.
فكانت هذه الأرزاء التي أصابت ابن حزم عظيمة وفادحة، وقد تبعها حدث دهاه قبل أن يبلغ العشرين من العمر يقول: "وعني أخبرك أني أحد من دهى بهذه الفادحة، وتعجلت له هذه المصيبة وذلك أنى كنت أشد الناس كلفًا وأعظمهم حبا بجارية لي، كانت فيما خلا اسمها نُعْم. وكانت أمنية المتمنى وغاية الحسن خَلْقًا وخُلقًا وموافقة لي، وكنت أبا عذرها، وكنا قد تكافأنا المودة ففجعتني بها
---------------
(¬١) طوق الحمامة لابن حزم ص ٢٥١.
(¬٢) المرجع السابق ص ٢٦٠.
(¬٣) المرجع السابق نفس الصفحة.
(¬٤) طوق الحمامة ص ٢٥١.

الصفحة 39