كتاب ابن حزم وموقفه من الإلهيات عرض ونقد

شيئًا ثم يجازيهم عليه، فالعبد هو الفاعل للخير والشر والإيمان والكفر والطاعة والمعصية وهو المجازى على فعله والرب تعالى أقدره على ذلك كله .. ويستحيل أن يخاطب العبد بافعل وهو لا يمكنه أن يفعل، وهو يحس من نفسه الاقتدار والفعل" (¬١).
فعند المعتزلة أن العبد هو الخالق لأفعاله خيرها وشرها فيستحق عليها الثواب والعقاب في الآخرة. والله تعالى منزه عن أن يضاف إليه شر وظلم وفعل هو معصية وكفر إذ لو أضيف إليه ذلك كان ظالمًا فهو لا يفعل إلا الصلاح والخير ويجب من حيث الحكمة رعاية مصالح العباد.
ويقول بعضهم: إن الله تعالى لم يدخر عن عباده شيئًا مما علم أنه إذا فعل بهم أتوا بالطاعة والتوبة من الصلاح والأصلح واللطف، لأنه قادر عالم جواد حكيم لا يضره الإعطاء ولا ينقص من خزائنه المنح ولا يزيد في ملكه الادخار وليس الأصلح عند هؤلاء هو الألذ بل هو الأعود في العاقبة والأصوب في العاجلة وإن كان دلك مؤلمًا مكروهًا، ولا يقول هؤلاء إنه تعالى يقدر على شيء هو أصلح مما فعله بعبده، والتكاليف كلها ألطاف وبعثة الأنبياء وشرع الشرائع وتمهيد الأحكام، والتنبيه على الطريق الأصوب كلها ألطاف (¬٢).
---------------
(¬١) الملل والنحل للشهرستاني (١: ٤٧)، وانظر شرح العقيدة الطحاوية ص (٤٦٨)، ضحى الإسلام لأحمد أمين (٣: ٤٥).
(¬٢) انطر الملل والنحل للشهرستاني (١: ٨١). وضحى الإسلام لأحمد أمين (٣: ٤٥).

الصفحة 408