كتاب ابن حزم وموقفه من الإلهيات عرض ونقد

فعلوه" (¬١) ويقول تعالى: "وما تشاءون إلا أن يشاء الله إن الله كان عليمًا حكيمًا" (¬٢).
وفي الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "تحاج آدم وموسى فحج آدم موسى فقال له موسى: أنت ادم الذي أغويت الناس وأخرجتهم من الجنة؟ فقال آدم: أنت الذي أعطاه الله علم كل شيء، واصطفاه على الناس برسالته؟ قال: نعم. قال: فتلومني على أمر قدر علي قبل أن أخلق؟ " (¬٣).
ويقول صلى الله عليه وسلم: "كتب الله مقادير الخلائق. قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة" (¬٤).
والمقدور ما أصاب العبد في وقته وساعته، وسبق به الحكم بأنه يكون لا محالة. وفعل الله تعالى قبل فعل العبد. وذلك مثل قوله تعالى: "فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم، وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى" (¬٥). وقوله تعالى: "قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم" (¬٦).
فهذا كله فعل الله تعالى قبل فعل العبد.
ثم إن الله تعالى يتولى الخير، ولا يتولى الشر مع أنه خالقهما يقول سبحانه: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ
---------------
(¬١) سورة الأنعام: آية (١٣٧).
(¬٢) سورة الإنسان: آية (٣٠).
(¬٣) صحيح الإمام مسلم (٤: ٢٠٤٣).
(¬٤) صحيح الإمام مسلم (٤: ٢٠٤٤).
(¬٥) سورة الأنفال: آية (١٧).
(¬٦) سورة التوبة: آية (١٤).

الصفحة 412