كتاب ابن حزم وموقفه من الإلهيات عرض ونقد

أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (¬١).
أي أن الله تعالى أمر بالخير وتولى صاحبه ووفقه، وترك صاحب الشر فلم يتولاه (¬٢).

مذهب ابن حزم في قضاء الله وقدره:
هو مذهب المؤمنين بالقضاء والقدر والأمر والنهي الذين يفعلون المأمور ويبتعدون عن المحظور، ويصبرون على المقدور، وإذا أصابتهم مصيبة في الأرض أو في أنفسهم علموا أن ذلك في كتاب وأن ما أصابهم لم يكن ليخطئهم وما أخطأهم لم يكن ليصيبهم، فيسلمون الأمر لله ويصبرون على ما ابتلاهم به معتقدين أن القدر خيره وشره من الله تعالى.
وهذا هو المذهب الحق الذي تؤيده الأدلة من الكتاب والسنة وقد ذكرنا بعضًا منها في عرض مذهب ابن حزم، ودلالتها واضحة وصريحة على أن كل ما كان فهو مقدر من الله تعالى من خير وشر فهو الخالق لكل ما يكون في الوجود ولا عذر لأحد بالقدر.
يقول ابن تيمية: "فمن احتج بالقدر فحجته داحضة، ومن اعتذر بالقدر فعذره غير مقبول، ولو كان الاحتجاج بالقدر مقبولًا لقبل من إبليس وغيره من العصاة، ولو كان القدر حجة للعباد: لم يعذب الله أحدًا من الخلق لا في الدنيا ولا في الآخرة، ولو كان القدر حجة لم يقطع سارق ولا قتل قاتل، ولا أقيم حد على ذي جريمة،
---------------
(¬١) سورة البقرة: آية (٢٥٧).
(¬٢) انظر المحلى (١: ٤٦). والأصول والفروع (٢: ٤٠٢ - ٤٠٥).

الصفحة 413