كتاب ابن حزم وموقفه من الإلهيات عرض ونقد

تذكرون" (¬١) فصح بنص هذه الآية أن الله تعالى هو يخلق وحده وكل من عداه لا يخلق شيئًا فليس أحد مثله تعالى.
٥ - وبقوله تعالى: "هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه" (¬٢).
وهذا إيجاب. لأن الله تعالى خلق كل ما في العالم وأن كل من دونه لا يخلقون شيئًا أصلًا، ولو كان ههنا خالق لشيء من الأشياء غير الله تعالى لكان جواب هؤلاء المقررين جوابًا قاطعًا ولقالوا له: نعم نريك أفعالنا خلقناها من دونك ونعم ههنا خالقون كثير وهم نحن لأفعالنا.
٦ - ومن الأدلة قوله عز وجل: "أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم قل الله خالق كل شيء" (¬٣) وهذا بيان واضح لا خفاء فيه؛ لأن الخلق كله جواهر، وأعراض ولا شك في أنه لا يفعل الجواهر أحد دون الله تعالى وإنما يفعلها الله عز وجل وحده فدم يبق إلا الأعراض فلو كان الله عز وجل خالقًا لبعض الأعراض ويكون الناس خالقين لبعضها لكانوا شركاء في الخلق ولكانوا قد خلقوا كخدممه، خلق أعراضًا وخلقوا أعراضًا وهذا تكذيب لله تعالى ورد للقرآن مجرد فصح أنه لا يخلق شيئًا غير الله عز وجل، والخلق هو الاختراع فالله مخترع أفعالنا كسائر الأعراض ولا فرق.
٧ - وقوله عز وجل: "أتعبدون ما تنحتون والله خلقكم وما
---------------
(¬١) سورة النحل: آية (١٧).
(¬٢) سورة لقمان: آية (١١).
(¬٣) سورة الرعد: آية (١٦).

الصفحة 417