كتاب ابن حزم وموقفه من الإلهيات عرض ونقد

كاذب، لأن في كل ذلك عندهم ما ليس بمخلوق ولكان من قال العالم غير مخلوق ولم يخلق الله تعالى الأشياء صادقًا، ونعوذ بالله تعالى من قول أدى إلى هذا" (¬١).
ويستدل أيضًا من طريق النظر بقوله: "إن العالم كله ما دون الله تعالى ينقسم قسمين: جوهر، وعرض، لا ثالث لهما، ثم ينقسم الجوهر إلى أجناس وأنواع ولكل منها فعل يتميز به مما سواه من الأنواع التي يجمعها وإياه جنس واحد. وبالضرورة نعلم أن ما لزم الجنس الأعلى لزم كل ما تحته إذ محال أن تكون نار غير حارة أو هواء راسب بطبعه أو إنسان صهال بطبعه وما أشبه هذا، ثم بالضرورة نعلم أن الإنسان لا يفعل شيئًا إلا الحركة والسكون والفكر والإرادة، وهذه كلها كيفيات (¬٢) يجمعها مع اللون والطعم والمجسة والأشكال جنس الكيفية فمن المحال الممتنع أن يكون بعض ما تحت النوع الواحد والجنس الواحد مخلوقًا وبعضه غير مخلوق، وهذا أمر يعلمه باطلًا من له أدنى علم بحداد العالم وانقسامه وحركتنا وسكوننا بجميع كل ذلك مع كل حركة في العالم وكل سكون في العالم نوع من الحركة ونوع من السكون. ثم ينقسم كل ذلك قسمين ولا مزيد؛ حركة اضطرارية، وحركة اختيارية وسكونًا اختياريًا، وسكونًا اضطراريًا وكل ذلك حركة تحد بحد الحركة وسكون يحد بحد السكون ومن المحاكم أن يكون بعض الحركات مخلوقًا لله تعالى وبعضها غير مخلوق
---------------
(¬١) الفصل لابن حزم (٣: ٦١).
(¬٢) الكيف هو كل هيئة قارة في جسم لا يوجب اعتبار وجودها فيه نسبة للجسم إلى خارج ولا نسبة واقعة في أجزائه، ولا لجملته اعتبارا يكون به ذا جزء. انظر الملل والنحل للشهرستاني (٣: ١٥) ومعيار العلم للغزالي ص (٢٨٦)، والتعريفات للجرجاني ص (١٦٥).

الصفحة 419