كتاب ابن حزم وموقفه من الإلهيات عرض ونقد

شاء كان وما لم يشأ لم يكن، وهو الذي يعطي ويمنع، ويخفض ويرفع، ويعز ويذل، ويغني ويفقر، ويضل ويهدي، ويسعد ويشقي، ويولي الملك من يشاء، وينزعه ممن يشاء، ويشرح صدر من يشاء للإِسلام، ويجعل صدر من يشاء ضيقًا كأنما يصعد في السماء .. وهو الذي جعل المسلم مسلمًا والمصلي مصليًا قال الخليل: "ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك" (¬١) وقال: "رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي" (¬٢).
وقال تعالى: "وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا" (¬٣) وقال عن آل فرعون: "وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار" (¬٤) .. وقال تعالى: "من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليًا مرشدًا" (¬٥) وهو سبحانه خالق كل شيء وربه ومليكه، وله فيما خلقه حكمة بالغة، ونعمة سابغة ورحمة خاصة وعامة وهو لا يسأل عما يفعل وهم يسألون لا لمجرد قدرته وقهره، بل لكمال علمه وقدرته ورحمته وحكمته" (¬٦).
وقد رد الإِمام الأشعري على المعتزلة في قولهم إن الله هدى الناس أجمعين وإن الضلال من عند الضالين أنفسهم. فبين لهم عدم استقامة هذا القول ومناقضته لنصوص القرآن. وعدم تأييد اللغة لهم بأن المسمى ضالًا يقال له أضل وألزمهم إلزامات لا مفك لهم منها (¬٧).
---------------
(¬١) سورة البقرة: آية (١٢٨).
(¬٢) سورة إبراهيم: آية (٤٠).
(¬٣) سورة السجدة: آية (٢٤).
(¬٤) سورة القصص: آية (٤١).
(¬٥) سورة الكهف: آية (١٧).
(¬٦) مجموع فتاوي ابن تيمية (٨: ٧٨، ٧٩).
(¬٧) انظر الإبانة للأشعري ص (٥٥ - ٥٩).

الصفحة 433