كتاب ابن حزم وموقفه من الإلهيات عرض ونقد

نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ (٢٨)}، أم (¬١) وقال: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} (¬٢).
وبهذا القول يتبين أن كل ما يفعله الرب فهو عدل، فلا يظلم مثقال ذرة ولا يجزي أحدا إلا بذنبه ولا يخاف أحد ظلمًا ولا هضمًا (¬٣).
وفي المسألة الثانية: التحسين والتقبيح، تناول ابن حزم بالبحث شيئين:
الأول:
أن الحسن والقبح ليسا عقليين فلا قبيح إلا ما قبح الله، ولا حسن إلا ما حسن الله تعالى.
الثاني:
أن الله تعالى لا يُحكم عليه بالعقل بما يُحكم به علينا فيحسن منه ما حسن منا ويقبح منه ما قبح منا، وهذا المسلك صحيح فالله لا يقاس بخلقه، فلا يحكم عليه بما يحكم عليهم فذاته وصفاته وأفعاله تخالف ذواتهم وصفاتهم وأفعالهم فقياسه بهم قياس غير صحيح.
وأقوال القدرية الباطلة مترتبة على قياس الله تعالى بخلقه في التحسين والتقبيح، وهم مشبهة الأفعال يشبهون الخالق بالمخلوق، والمخلوف بالخالق، وهذا مذهب باطل.
فأفعال الله تعالى لا تمثل بأفعال المخلوقين فإن المخلوق لو كان له عبيد يظلمون ويأتون الفواحش وهو قادر على منعهم وتركهم فلم
---------------
(¬١) سورة ص: آية (٢٨).
(¬٢) سورة الجاثية: آية (٢١).
(¬٣) انظر رسالة في معنى كون الرب عادلا في تنزهه عن الظلم. ضمن جامع الرسائل لابن تيمية المجموعة الأولى ص (١٢٣ - ١٢٦).

الصفحة 438