كتاب ابن حزم وموقفه من الإلهيات عرض ونقد

يمنعهم كان ذلك قبيحًا منه وكان مذمومًا على ذلك، والرب تعالى وهو القادر على كل شيء يترك عبيده يظلمون ويأتون الفواحش وهو قادر على منعهم وليس ذلك بقبيح منه لما له في ذلك من الحكمة البالغة والنعمة السابغة هذا على قول السلف، والجمهور الذين يثبتون الحكمة في خلق الله وأمره (¬١).
يقول ابن تيمية: "إنه ليس ما حسن منه "من الله" حسن منا وليس ما قبح منه يقبح منا، فإن المعتزلة شبهت الله بخلقه، وذلك أن الفعل يحسن منا لجلبه المنفعة، ويقبح لجلبه المضرة ويحسن لأنا أمرنا به، ويقبح لأنا نهينا عنه، وهذان الوجهان منتفيان في حق الله تعالى قطعًا" (¬٢).
أما نفي الحسن والقبح العقليين فهو خلاف قول المعتزلة فهذا القول طرف وقول المعتزلة طرف آخر وليس الصواب واحدًا منهما.
إذ أن من ينفي الحسن والقبح العقليين يقول كما قال ابن تيمية: "إن الأفعال لم تشتمل على صفات هي أحكام ولا على صفات هي علل للأحكام بل القادر أمر باحد المتماثلين دون الآخر، لمحض الإرادة لا لحكمة ولا لرعاية مصلحة في الخلق والأمر .. وهذا القول ولوازمه قول ضعيف مخالف للكتاب والسنة، ولإِجماع السلف والفقهاء، مع مخالفته أيضًا للمدقول الصريح، فإن الله نزه نفسه عن
---------------
(¬١) انظر مجموع فتاوي ابن تيمية (٨: ، ٤٣١، ٤٣٢، ٩١، ٩٢).
(¬٢) قاعدة في المعجزات والكرامات لابن تيمية ضمن الرسائل والمسائل (٥: ٢٩).

الصفحة 439