كتاب ابن حزم وموقفه من الإلهيات عرض ونقد

الفحشاء فقال: "إن الله لا يأمر بالفحشاء" (¬١) كما نزه نفسه عن التسوية بين الخير والشر فقال: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} (¬٢). وقال: {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (٣٥) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} (¬٣). وقال: {أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ (٢٨)} (¬٤).
وعلى قول نفاة التحسين والتقبيح العقليين لا فرق في التسوية بين هؤلاء وهؤلاء وبين تفضيل بعضهم على بعض ليس تنزيهه عن أحدهما بأولى من تنزيهه عن الآخر وهذا خلاف المتصوص والمعقول وقد قال الله تعالى: "الله أعلم حيث يجعل رسالته" (¬٥). وعندهم أن تعلق الإرسال بالرسول لا يستلزم ثبوت صفة لا قبل التعلق ولا بعده والفقهاء وجمهور المسلمين يقولون: الله حرم المحرمات فحرمت، وأوجب الواجبات فوجبت فهنا شيئان:
أحدهما: الإيجاب والتحريم.
والثاني: الوجوب والحرمة.
فالأول كلام الله تعالى وخطابه، والثاني صفة الفعل.
والله تعالى عليم حكيم، أمر ونهى لعلمه بما في الأمر والنهي والمأمور والمحظور من مصالح العباد ومفاسدهم، وهو أثبت حكم الفعل.
---------------
(¬١) سورة الأعراف: آية (٢٨).
(¬٢) سورة الجاثية: آية (٢١).
(¬٣) سورة القلم: الآيتان (٣٥، ٣٦).
(¬٤) سورة ص: آية (٢٨).
(¬٥) سورة الأنعام: آية (١٢٤).

الصفحة 440