كتاب ابن حزم وموقفه من الإلهيات عرض ونقد

إثبات صفة للفعل لم تكن من قبل، لكن العقاب على الفعل القبيح لا يحصل إلا بعد ورود الشرع بذلك لقوله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} (¬١) وقوله: "رسلًا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل" (¬٢) وقوله: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ} (¬٣). ومثل هذا في القرآن والسنة كثير.
النوع الثاني:
ما يحصل فيه الحسن والقبح بخطاب الشارع فإذا أمر بشيء صار حسنًا، وإذا نهى عن شيء صار قبيحًا.
النوع الثالث:
ما أمر الله تعالى به لحكمة في نفس الأمر للامتحان هل يطاع أم
يعصى، وليس المراد فعل المأمور به، وقد بكون المأمور به حسنًا في
العقل وقد يكون قبيحًا، وهذا مثل أمر الله تعالى إبراهيم عليه
السلام بذبح ابنه فلما أسلما وتله للجبين وحصل المقصود فداه الله
بالذبح كما قال سبحانه: {فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَابُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَاأَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ (١٠٢) فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (١٠٣) وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَاإِبْرَاهِيمُ (١٠٤) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (١٠٥) إِنَّ هَذَا
---------------
(¬١) سورة الإسراء: آية (١٥).
(¬٢) سورة النساء: آية (١٦٥).
(¬٣) سورة القصص: آية (٥٩).

الصفحة 442