كتاب ابن حزم وموقفه من الإلهيات عرض ونقد

وسنذكر بعض أدلة هذا الرأي، ثم نعود إلى ما ادعى ابن حزم أنه مانع من تعليل أفعال الله تبارك وتعالى فنجيب عليه إن شاء الله تعالى.

الأدلة على القول بالتعليل:
الدليل الأول:
إخبار الله تعالى في القرآن الكريم أنه فعل كذا لكذا وهذا في القرآن كثير جدًّا من ذلك قوله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا} (¬١). وقال: {رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} (¬٢). وقوله: {وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ} (¬٣).
فإن قيل اللام في هذا كله لام العاقبة كقوله تعالى: {فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا} (¬٤) وقوله: {وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ} (¬٥). وغير ذلك مما هو في القرآن كثير فإن ما بعد اللام في هذا ليس هو الغاية
---------------
(¬١) سورة الطلاق: آية (١٢).
(¬٢) سورة النساء: آية (١٦٥).
(¬٣) سورة البقرة: آية (١٤٣).
(¬٤) سورة القصص: آية (٨).
(¬٥) سورة الأنعام: آية (١١٣).

الصفحة 447