كتاب ابن حزم وموقفه من الإلهيات عرض ونقد

الشيء في الوقت الذي لم تقتض الحكمة وجوده فيه من الكمال كما أن وجوده في وقت اقتضاء الحكمة وجوده كمال، فليس عدم كل شيء نقصًا بل عدم ما يصلح وجوده هو النقص كما أن وجود ما لا يصلح وجوده نقص فتبين أن وجود هذه الأمور حين اقتضت الحكمة عدمها هو النقص لا أن عدمها هو النقص (¬١).
يقول ابن القيم: "إن كمال الرب تعالى وجلاله وحكمته وعدله ورحمته وقدرته وإحسانه وحمده ومجده وحقائق أسمائه الحسنى تمنع كون أفعاله صادرة منه لا لحكمة ولا لغاية مطلوبة، وجميع أسمائه الحسنى تنفي ذلك وتشهد ببطلانه" (¬٢).
ما أشرنا إليه من الأدلة على تعليل أفعال الله تعالى جزء قليل من أدلة القائلين بالتعليل رأينا في هذا القدر منها كفاية، وإلا فإن الأدلة على ذلك كثيرة جدًّا.
فقد استدل ابن القيم في كتابه شفاء العليل من كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم على تعليل أفعال الله وأنه لا يفعل إلا لحكمة محمودة باثنين وعشرين نوعًا من الأدلة (¬٣).
بعد أن عرضنا مذهب ابن حزم في تعليل أفعال الله تعالى، وبينا أن الراجح لدينا خلافه وبيناه وذكرنا بعض أدلته، نعود لنجيب على شبه المذهب المرجوح كما وعدنا فنقول:
---------------
(¬١) انظر رسالة الإرادة والأمر لابن تيمية ضمن المجموعة الكبرى: (١: ٣٧٩ - ٣٨١). وشفاء العليل ص (٤٢٩).
(¬٢) شفاء العليل: ص (٤٣٠).
(¬٣) انظر شفاء العليل: ص (٤٠٠ - ٤٣٠).

الصفحة 453