كتاب ابن حزم وموقفه من الإلهيات عرض ونقد

إن ذهاب ابن حزم إلى القول بعدم تعليل أفعال الله تعالى يخالف ما يدعيه من المذهب - الأخذ بظواهر النصوص - فالله سبحانه ذكر في كتابه في مواضع كثيرة أنه فعل كذا من الأفعال، لكذا من الأغراض، وذلك نص ظاهر على تعليل أفعاله سبحانه، ولو التزم الظاهرية لحتمت عليه القول بتعليل أفعال الله ولكنه تجاهلها هنا كعادته في مواضع أخرى نبهنا على ما هو في موضوعنا منها.
ومما رأى ابن حزم أنه مانع من تعليل أفعال الله تعالى، أن الخلق لا يقع منهم الفعل إلا لعلة والله خلاف خلقه.
وهذا القول غير صحيح فإن الخلق يقع الفعل منهم لعلة ولغير علة كتصرفات فاقد الوعي، والذي يفعل من الخلق لعلة أكمل ممن يفعل لغير علة.
والله سبحانه متصف بالكمال المطلق. ومما هو متفق عليه:
أن كل كمال ثبت لموجود من غير استلزام نقص فالخالق تعالى أحق به وأكمل فيه منه، وكل نقص تنزه عنه مخلوق فالخالق أحق بالتنزه عنه وأولى ببراءته منه (¬١).
والله تعالى متصف بالكمال المطلق، وهو خلاف خلقه بلا شك وإذا كان لا يفعل إلا لعلة، وكان في خلقه من هو متصف بذلك، فلا يلزم من ذلك تشابه بين الخالق والمخلوق فلكل ما يخصه ويناسبه
---------------
(¬١) انظر رسالة الإرادة والأمر لابن تيمية ضمن المجموعة الكبرى (١: ٣٨٢)، وموافقة صحيح المنقول (٢: ١١٩) ورسالة التوحيد لمحمد عبده ص (٣٣، ٣٤). وشرح العقيدة الواسطية للهراس ص (٢٣، ٢٤). والأسئلة والأجوبة الأصولية لابن سلمان ص (٥٣).

الصفحة 454