كتاب ابن حزم وموقفه من الإلهيات عرض ونقد

الوجه الأول:
نفى لزوم قدم المعلول لقدم العلة من عدة أوجه.
منها: ما أجاب به ابن القيم بقوله: "لا يخلو إما أن يمكن أن يكون الفعل قديم العين، أو قديم النوع، أو لا يمكن واحد منهما. فإن أمكن أن يكون قديم العين أو النوع أمكن في الحكمة التي يكون الفعل لأجلها أن تكون كذلك، وإن لم يمكن أن يكون الفعل قديم العين ولا النوع، فيقال: إذا كان فعله حادث العين أو النوع كانت الحكمة كذلك. فالحكمة يحذى بها حذو الفعل، فما جاز عليه جاز عليها، وما امتنع عليه امتنع عليها" (¬١).
ومن أوجه النفي، أن يقال ما المانع أن تكون الفاعلية معللة بعلة قديمة إذ القول يلزم من قدمها قدم المعلول ينتقض بالعلم فإنه قديم ولم يلزم من قدمه قدم المعلوم.
فإن قلتم العلم القديم تعلق بالمعلوم في وقت حدوثه، فهلا قلتم إن الحكمة القديمة تعلقت بالمفعول وقد حدوثه، كما قلتم في العلم.
فان قلتم: إن العلم يختلف عن الحكمة.
قلنا: لا فرق فالحكمة والعلم والإرادة مصدر لتخصيص الشيء بزمانه ومكانه وصفته.
فإن لزم من قدم الحكمة قد الفعل لزم من قدم العلم قدم العلوم وإن لم يلزم ذلك لم يلزم هذا (¬٢).
---------------
(¬١) شفاء العليل ص (٤٤٣)، وانظر رسالة الإرادة والأمر ضمن مجموعة الرسائل الكبرى لابن تيمية (١: ٣٨٤).
(¬٢) انظر شفاء العليل ص (٤٤٣، ٤٤٩).

الصفحة 458