كتاب ابن حزم وموقفه من الإلهيات عرض ونقد

حدث عنه بوساطة أو بدونها (¬١).
الوجه الثاني:
إبطال دعوى أن من يفعل لعلة ليس مختارًا
أما دعوى أن من يفعل لعلة يكون مضطرًا لا مختارًا فغير مسلمة بالنسبة لله تعالى، فالعلة التي يفعل لأجلها الله سبحانه ومعلولها من إيجاده ومن فعيه باختياره فلم يوجب عليه أحد شيئًا. والمضطر من فرض عليه أن يعمل هذا العمل مثلًا لغرض أو لغير غرض.
والقول بأن من يفعل لغرض يكون مضطرًا لا يتم إلا إذا كانت العلة التي فعل لأجلها اضطرته للفعل قهرًا - والمجبر لا يكون إلهًا - ولا يقول بهذا أحد حيث إنه هو الفاعل باختياره لعلة أرادها، فهو الفاعل المختار يفعل ما يشاء لاراد لقضائه ولا معقب لحكمه سبحانه.
الوجه الثالث:
إبطال التسلسل اللازم للعلة إذا كانت محدثة.
القول بأن المخلوق المحدث لابد له من علة والعلة لابد لها من علة أخرى وهكذا، غير لازم لأنه إنما يلزم لو قيل كل حادث لابد له من علة والمثبت للعلة لا يقول هذا بل يقول إنه يفعل لحكمة،
---------------
(¬١) انظر منهاج السنة النبوية (١: ٣٦) ورسالة الإرادة ضمن المجموعة الكبرى (١: ٣٢٨، ٣٢٩) وشفاء العليل ص (٤٤٩).

الصفحة 460