كتاب ابن حزم وموقفه من الإلهيات عرض ونقد

محال، ووجود الضد مع ضده ممتنع، والمحال الممتنع ليس بشيء.
ولا يتصور العقل وجوده في الخارج. وإذا كان هذا التسلسل الجائز من لوازم خلقه وحكمته لم يكن في القول محذور. بل كان المحذور في نفيه" (¬١).
ويمكن أن يقال: إذا قيل إن خلق المخلوقات لعلة محدثة يوجب كون العلة لعلة وهكذا .. وهذا باطل.
إن التسلسل نوعان، ممتنع، وجائز، فأي النوعين هو اللازم؟ فإن عنيتم التسلسل الممتنع منع اللزوم، وإن عنيتم الجائز منع انتفاء اللازم.
فالتسلسل في الآثار المستقبلة ممكن بل واجب، وفي الآثار الماضية فيه قولان للناس.
أما التسلسل المحال فهو التسلسل في العلل والفاعلين وهذا باتفاق العقلاء وهو كون الفاعل لابد له من فاعل قبله وكذلك ما قبله إلى غير نهاية، وأما أن يكون الفاعل الواحد القديم الأبدي لم يزل يفعل ولا يزال فهذا غير ممتنع.
والحكمة التي لأجلها يفعل الفعل تكون حاصلة بعده فإذا كان بعدها حكمة أخرى فغاية ذلك أنه يلزم حوادث لا نهاية لها وهذا جائز بل واجب باتفاق المسلمين (¬٢).
---------------
(¬١) شفاء العليل ص (٤٤٨).
(¬٢) انظر منهاج السنة لابن تيمية (١: ٣٦، ١٢١) ورسالة الإرادة والأمر ضمن المجموعة الكبرى لابن تيمية (١: ٣٨٧، ٣٨٨) ومجموعة الفتاوي (٨: ٣٨٠، ٣٨١) وكتاب النبوات له ص (١، ٩٢) وشفاء العليل لابن القيم ص (٤٤٤، ٤٤٥).

الصفحة 462