كتاب ابن حزم وموقفه من الإلهيات عرض ونقد

رسله كانقلاب صخرة عن ناقة، وانقلاب عصا عن حية وأن مئين من الناس شربوا وتوضئوا من ماء يسير في قدح صغير. وأن هذا لا يكون إلا من الله. تعالى لأنه خرق للعادات التي أجراها في الكون، ولا يقدر على خرقها إلا هو سبحانه فأصحبها رجالًا يدعون إليه، ويذكرون أنه تعالى أرسلهم ويستشهدون به تعالى فيشهد لهم بهذه المعجزات فهي المصححة لصدقهم وصحة ما أتوا به من عند الله (¬١).
ولن نتعرض هنا لذكر المعجزات ولا دلالتها على صدق مدعيها عند من رآها ومن لم يرها، لأنا بصدد الكلام على إرسال الرسل من حيث الجواز أو الوجوب أو الامتناع ومعرفة رأي ابن حزم في هذا وليس محل كلامنا هي النبوة وبيان صدق مدعيها.
وقد ذكرنا استدلال ابن حزم على إمكانها قبل مجيئها، ووجوبها بعد مجيئها فبقي الاستدلال على امتناعها بعد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وليس هذا الامتناع آتيا من جهة العقل إذ العقل لا يحيل استمرار الرسالة، بعد أن حكم بإمكانها قبل مجيئها. وإلا كان متناقضًا. إنما الامتناع أتى بنص القرآن الكريم. ونص السنة المطهرة.
يقول ابن حزم: "إذ قد صح كل ما ذكرنا من المعجزات الظاهرة من الأنبياء عليهم السلام شهادة من الله تعالى لهم يصدق بها أقوالهم فقد وجب علينا الانقياد لما أتوا به، ولزمنا تيقن كل ما قالوا، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بنقل الكواف التي نقلت
---------------
(¬١) انظر الفصل لابن حزم (١: ٧٣، ٧٤) والأصول والفروع له (١: ١٨٢، ١٨٣).

الصفحة 468