كتاب ابن حزم وموقفه من الإلهيات عرض ونقد

نبوته وإعلامه وكتابه أنه أخبر أنه لا نبي بعده (¬١). فصح أن وجود النبوة بعده عليه السلام باطل لايكون البتة وبهذا يبطل قول من قال بتواتر الرسل ووجوب ذلك أبدًا" (¬٢).
مذهب ابن حزم في اللطف والأصلح يتمشى مع الأدلة الواردة بأن الله هو المتصرف المطلق في ملكه يفعل ما يشاء وهو الحكيم الخبير، وأنه لا يجب عليه لأحد شيئًا إلا ما أوجب على نفسه وأن أفعاله كلها حكمة وعدل على ما يليق به، لا على ما هو معهود بين الخلق لو شاء لهدى الخلق كلهم ونعمهم فضلًا منه ولو شاء لعذبهم وهذا عدل منه سبحانه وتعالى.
---------------
(¬١) جاء في القرآن أنه صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين قال تعالى: (ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين وكان الله بكل شيء عليما) سورة الأحزاب آية (٤٠).
ووردت أحاديث كثيرة عنه صلى الله عليه وسلم تنفي النبوة بعده. منها ما روى مسلم بسنده عن سعد بن أبي وقاص قال: خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب في غزوة تبوك. فقال: يا رسول الله: أتخلفني في النساء والصبيان؟ فقال: "أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي" صحيح مسلم (٤: ١٨٧٠، ١٨٧١) وانظر صحيح البخاري (٣: ٦٢) ومسند الإمام أحمد (٣: ٣٣٨) و (٦: ٣٦٩) ومن الأحاديث ما روى مسلم أيضا بسنده عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء كلما هلك نبي خلفه نبي وإنه لا نبي بعدي. وستكون خلفاء فتكثر" قالوا فما تأمرنا؟ قال: "فوا ببيعة الأول وأعطوهم حقهم فإن الله سائلهم عما استرعاهم" صحيح مسلم (٣: ١٤٧١، ١٤٧٢) وانظر صحيح البخاري (٢: ١٧٥).
(¬٢) الفصل (١: ٧٧) بتصرف. وانظر الأصول والفروع له (١: ١٨٥).

الصفحة 469