كتاب ابن حزم وموقفه من الإلهيات عرض ونقد

وعلى هذا المذهب أهل السنة والجماعة (¬١) ومن يقول بالتعليل منهم يقول: إن الله يفعل ما يفعل لحكمة يعلمها سبحانه وقد يعلم العباد أو بعضهم من حكمته ما يطلعهم عليه، وقد لا يعلمون ذلك، والأمور العامة التي فعلها هي لحكمة عامة ورحمة عامة كإرسال الرسل ونحو ذلك (¬٢).
ويقرر أبو يعلى عدم إيجاب فعل الأصلح على الله تعالى بقوله: لا يجب على الله تعالى أن يفعل لعبادة أصلح الأمور في باب دنياهم وما هو أنفع الأمور لهم، والدلالة عليه أنه لو وجب عليه فعل الأصلح لوجب عليه إخراج أهل النار منها وتخلصهم من ألم العقاب، لأن خروجهم منها هو الأصلح لهم، ولما اتفق الكل على أنه غير واجب لم يصح القول بالأصلح. ولأنه لو وجب عليه فعل الأصلح لوجب عليه إعطاء سائر أهل الجنة مثل منازل الأنبياء لأن ذلك أصلح لهم وأنفع، ولو لم يكن أنفع لهم لم يكن أنفع للنبيين، وقد أجمعنا على أنه لا يجب ذلك فلم يصح القول بوجوب الأصلح على الله.
ويقول: بأن الله تعالى قادر على فعل اللطف الذي لو فعله بجميع الكفار والعصاة لآمنوا وأطاعوا، وإن لم يفعل ذلك - وقد بينا هذا أثناء عرض رأي ابن حزم بأدلته. ولا يجب على الله سبحانه هذا اللطف بل له أن يفعله وله أن يتركه فإن فعله كان متفضلًا وإن تركه
---------------
(¬١) انظر الإبانة للأشعري ص (٤٧، ٤٨) والمعتمد لأبي يعلي ص (١١٦ - ١٨٨) والإِقتصاد في الإعتقاد للغزالي ص (١٥٦) ومنهاج السنة لابن تيمية (١: ١٢٨).
(¬٢) انظر منهاج السنة (١: ١٢٨) ومجموع الفتاوي لابن تيمية (٨: ٩٢: ٩٣).

الصفحة 470