كتاب الإعلام بفوائد عمدة الأحكام (اسم الجزء: 1)

وحكى الإِمام فخر الدين عن طائفة: إنكاره جملة، ولا وجه له، ومن أمثلة هذا القسم: الابتداء به في الخطبة فإنه ركنٌ فيها.
وأما الثاني: فمن أمثلته الخُطبة على الخطبة، وعند العقد، وفي ابتداء الدعاء، وبعد الأكل والشرب، والعطاس، والخروج من الخلاء، وعند النوم، واليقظة، ونحو ذلك.
وأما الثالث: فمن أمثلته الأماكن المستقذرة تنزيهًا له: كالمزبلة، والمجزرة، والأحوال المستكرهة لفرط الشبع والنوم، ومدافعة الأخبثين، وقد نص القرافي في "قواعده" (¬1) على كراهة الدعاء في ذلك كله، وما أحسن ما حكي عن سرّى السقطي (¬2) أنه
بقي يستغفر الله ثلاثين سنة في قوله: "الحمد لله" لوقوع حريق ببغداد أتى على دورها ودكاكينها فبلغه أن دكانه سلم، فحمد الله على ذلك، ثم راجع نفسه، وقال: كان الواجب أن يحزنني ما أصاب إخواني المؤمنين.
وأما الرابع: فهو حرام، على الفرح بوقوع معصية.
وأوجبه بعض العلماء في الأمور الدنيوية ليكون لها عاقبة محمودة، واستحسنه في الدينية لأنها طاعة.
¬__________
(¬1) الفروق (1/ 132)، القرافي هو شهاب الدين أحمد بن إدريس القرافي المالكي ناصري، مؤلفاقه: الفروق والبنفسج وشرحه، والذخيرة، توفي سنة 684 هـ. شجرة النور الزكية في طبقات المالكية.
(¬2) هو أحد العباد والزهاد. انظر: تاريخ بغداد (9/ 188)، وحلية الأولياء (10/ 117، 127).

الصفحة 85