كتاب الإعلام بفوائد عمدة الأحكام (اسم الجزء: 2)

العادة مانع منهما بين حكمه - صلى الله عليه وسلم - وهو عدم الامتناع منهما بأذان بلال إلى سماع آذان ابن أم مكتوم، ومن هذا كقوله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} (¬1) فجعل حتى غاية للتبيين.
قال ابن عطية (¬2): والمراد به فيما قال جميع العلماء بياض النهار وسواد الليل، وهو نص قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لعدي بن حاتم في حديثه المشهور (¬3).
قال: واختلف في الحد الذي يجب به الإِمساك.
فقال الجمهور: بطلوع أول الفجر الصادق.
وروي عن عثمان وحذيفة وابن عباس وطلق وعطاء والأعمش وغيرهم: أن الإِمساك يجب بتبيين الفجر [من] (¬4) الطرق وعلى
رؤوس الجبال.
وذكر عن حذيفة أنه قال: "تسحرت مع رسول - صلى الله عليه وسلم - وهو النهار
¬__________
(¬1) سورة البقرة: آية 187.
(¬2) المحرر الوجيز (2/ 91).
(¬3) ولفظه في البخاري (1916)، عن عدي بن حاتم رضي الله عنه لما نزلت: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ} عمدت إلى عقال أسود وإلى عقال أبيض فجعلتهما تحت وسادتي، فجعلت انظر في الليل فلا يتبين لي، فغدوت على رسول - صلى الله عليه وسلم -، فذكرت ذلك له فقال: "إنما ذلك سواد الليل وبياض النهار". اهـ.
(¬4) لعلها (في) أقرب إلى المعنى، والله أعلم.

الصفحة 457