كتاب الإعلام بفوائد عمدة الأحكام (اسم الجزء: 2)

بالوجوه القلوب، فإن تقدم الشخص على المصلي إلى جنبه يوغر صدره، وذلك موجب لاختلاف القلوب فعبر عنه باختلاف وجوههم [لكونه] (¬1) يلزم من تغير القلب تغير الوجه غالبًا، فلما كان لازمًا له عبر به عنه.
قلت: ويؤيده رواية أبي داود (¬2) وابن حبان (¬3) (بين قلوبكم).
وقال النووي (¬4): الأظهر والله أعلم: أن معناه يوقع بينكم العداوة والبغضاء واختلاف القلوب، كما يقال: تغير وجه فلان عليّ، أي: ظهر لي من وجهه كراهة لي، وتغير قلبه (¬5) عليّ.
قلت: ومقتضى الوجه الأول وجوب تسوية الصفوف لترتيب الوعيد المذكور على عدمها، فإن حمل الوعيد على ترك ائتلاف القلوب فهو على تركه واجب.
¬__________
(¬1) في الأصل (لكنه)، وما أثبتناه من ب.
(¬2) أبو داود عون (648)، ومن طريقه البيهقي (3/ 100)، والدارقطني (1/ 282)، والدولابي في الكنى (2/ 86).
(¬3) ابن حبان (3/ 302).
(¬4) في شرح مسلم (4/ 157).
(¬5) قال ابن حجر في الفتح (2/ 207): ويؤيده حمله على ظاهره حديث أبي إمامة في المسند: "لتسون الصفوف أو لتطمس الوجوه" أخرجه أحمد، وفي إسناده ضعف. ولهذا قال ابن الجوزي: الظاهر أنه مثل الوعيد المذكور في قوله -تعالى-: {مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا}.

الصفحة 519