الجائز جائز، وترك الجماعة في حق آكلها جائز، وذلك ينافي الوجوب (¬1) عليه.
فإن قلت: لا يمتنع أن يسقط المباح الفرضي كالسفر، فإنه يسقط الصوم وتقصر الصلاة.
فجوابه: أن السفر لم يسقط ذلك جملة، وإنما نقله إلى بدل بخلاف ما نحن فيه، فإنه أسقط الجماعة لغير بدل.
السادس: في الحديث دلالة على احترام الملائكة بمنع أذاهم من الروائح الكريهة ونحوها مما يؤذي.
وقد اختلف أصحابنا في الثوم: هل كان حرامًا عليه - صلى الله عليه وسلم - أم كان تركه تنزيهًا كغيره؟ على وجهين:
أصحهما: الثاني (¬2)، وهو ظاهر الأحاديث ومن قال: بالتحريم قال: المراد بقوله: "ليس بي تحريم ما أحل الله" بالنسبة إلى أمته فيما أحل لها لا بالنسبة إليه.
¬__________
(¬1) قال سماحة الشيخ ابن باز -حفظه الله- في تعليقه على فتح الباري (2/ 343): ليس هذا التقرير بجيد، والصواب أن إباحة أكل هذه الخضروات ذوات الرائحة الكريهة لا ينافي كون الجماعة فرض عين، كما أن حضور الطعام يسوغ ترك الجماعة لمن قدم بين يديه -أي الطعام- مع كون ذلك مباحًا، وخلاصة الكلام أن الله -سبحانه- يسر على عباده، وجعل مثل هذه المباحات عذرًا في ترك الجماعة لمصلحة شرعية، فإذا أراد أحد أن يتخذها حيلة لترك الجماعة حرم عليه ذلك، والله أعلم.
(¬2) قال ابن حجر في الفتح (2/ 344): والراجح الحل لعموم قوله - صلى الله عليه وسلم -، وليس بمحرم، كما تقدم من حديث أبي أيوب عند ابن خزيمة.