كتاب الإعلام بفوائد عمدة الأحكام (اسم الجزء: 3)

محمد - صلى الله عليه وسلم - أفضل الأنبياء والمرسلين إجماعًا، فكيف تكون الصلاة عليه مشبهة بالصلاة على إبراهيم، وقد اختلف الناس، فيه على أجوبة.
أحدها: أن التشبيه إنما وقع في [أصل] (¬1) الصلاة، لا في قدرها، كقوله -تعالى-: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} (¬2)، فالتشبيه إنما وقع في أصل الصيام لا في
¬__________
= للصلاة عليه، وعلى سائر النبيين من ذرية آل إبراهيم، وقد قال تعالى: {وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ}، ثم أمرنا أن نصلي على محمد، وعلى آل محمد خصوصًا بقدر ما صلينا عليه مع سائر آل إبراهيم عمومًا، ثم لأهل بيته من ذلك ما يليق بهم. والباقي له فيطلب له من الصلاة هذا الأمر العظيم.
ومعلوم أن هذا أمر عظيم يحصل له به أعظم مما لِإبراهيم وغيره، فإنه إذا كان المطلوب بالدعاء إنما هو مثل المشبه به، وله نصيب وافر من المشبه، وله أكثر المطلوب، صار له من المشبه وحده أكثر مما لإبراهيم وغيره، وإن كان جملة المطلوب مثل المشبه، وانضاف إلى ذلك ما له من المشبه به، فظهر بهذا من فضله على كل النبيين ما هو اللائق به صلَّى الله عليه وسلم تسليمًا كثيرًا، وجزاه عنا أفضل ما جزى رسولًا عن أمته، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آله محمد كما باركت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد.
وذكر الحافظ ابن حجر في الفتح عبيدة أجوبة (11/ 161، 162).
(¬1) في ن ب (أفضل).
(¬2) سورة البقرة: آية 183.

الصفحة 473