كتاب الإعلام بفوائد عمدة الأحكام (اسم الجزء: 3)

التوابون" (¬1). ولو كان ثم حالة يعرى عن الظلم والتقصير لما طابق هذا الإِخبار الواقع، ولم يؤمر به، فيؤخذ منه الاعتراف بظلم النفس وتقصيرها في كل حالة، ثم إن التقصير في طلب معالي الأمور والتوسل بطاعة الله وتقواه إلى رفيع الدرجات عند الله -تعالى- لا يبعد أن يصدق عليه اسم الظلم بالنسبة لما يقابله من المبالغة والتشمير في ذلك.
التاسع: قوله: "كثيرًا" هو بالثاء المثلثة في أكثر الروايات وفي بعض روايات مسلم بالباء الموحدة فينبغي أن يجمع بينهما كما قاله
النووي في كتبه (¬2) للاحتياط على التعبد بلفظه والمحافظة عليه.
العاشرة: قوله: "لا يغفر الذنوب إلَّا أنت" هو إقراره بالوحدانية واستجلاب للمغفرة، كما قال تعالى: "علم أنّ له ربَّا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب" (¬3). وهو كقوله -تعالى-: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ} (¬4) الآية. فأثنى على المستغفرين
¬__________
(¬1) الترمذي (2501) في صفة القيامة، باب: المؤمن يرى ذنبه كالجبل فوقه، وابن ماجه (4251) في الزهد، باب: ذكر التوبة، والدارمي (2/ 303) في الرقاق، باب: في التوبة، وأحمد (3/ 198)، والحاكم (4/ 244)، وتعقبه الذهبي بقوله: "علي فيه لين"، وأبو يعلى (2922).
(¬2) في الأذكار (55)، والمجموع (3/ 470).
(¬3) البخاري (7507) في كتاب التوحيد، باب: قول الله تعالى: {يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ}، ومسلم (2758) في كتاب التوبة، باب: قبول التوبة من الذنوب وإن تكررت الذنوب والتوبة.
(¬4) سورة آل عمران: آية 135.

الصفحة 503