كتاب الإعلام بفوائد عمدة الأحكام (اسم الجزء: 3)

الأولوية وهي لا تخالف الجواز كيف، ولم ينه عنه فيه، بل فعله - عليه الصلاة والسلام - فيه وأمر بالاجتهاد في السجود من الدعاء من غير منع من التسبيح، بل أمر به [في حديث] (¬1) آخر فيقتضي ذلك جميعه أن يكون السجود، قد أمر فيه بتكثير الدعاء لإشارة قوله: "فاجتهدوا" والذي وقع في الركوع من قوله: "اغفر لي" ليس بكثير فلا تعارض إذًا، كذا قرره الشيخ تقي الدين (¬2).
واعترض الفاكهي فقال: هذا تعسف منه. قال: وهذا عندي كلام من لم يعتد بقول الفقهاء: بالكراهة في الركوع، حيث اعتقد جوازه من هذا الحديث من غير كراهة (¬3) إذ لا يجوز أن يريد الجواز مع الكراهة، لكونه - عليه الصلاة والسلام - بريء من فعل
¬__________
(¬1) زيادة من ن ب د.
(¬2) إحكام الأحكام (3/ 46).
(¬3) قال ابن حجر في الفتح (2/ 281): على قول البخاري (باب الدعاء في الركوع) ثم ساق الحديث بسنده: ترجم بعد هذا بأبواب التسبيح والدعاء في السجود، وساق فيه حديث الباب، فقيل: الحكمة في تخصيص الركوع بالدعاء دون التسبيح -مع أن الحديث واحد- أنه قصد الإِشارة إلى الرد على من كره الدعاء في الركوع كمالك، وأما التسبيح فلا خلاف فيه، فاهتم هنا بذكر الدعاء لذلك، وحجة المخالف الحديث الذي أخرجه مسلم من رواية ابن عباس مرفوعًا وفيه: "فأما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء، فقمن أن يستجاب لكم"، لكنه لا مفهوم له، فلا يمتنع الدعاء في الركوع، كما لا يمتنع التعظيم في السجود. وظاهر حديث عائشة: أنه كان يقول هذا الذكر كله في الركوع وكذا في السجود.

الصفحة 517