كتاب الإعلام بفوائد عمدة الأحكام (اسم الجزء: 3)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
¬__________
= بالتسليم، وهذا قول جمهور العلماء. وقال أبو حنيفة: لا يتعين التسليم بل يخرج منها بالمنافي لها. من حدث أو عمل بطل ونحوه. واستدل له بحديث ابن مسعود الذي رواه أحمد وأبو داود في تعليمه التشهد، وبأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يعلمه المسيء في صلاته، ولو كان فرضًا لعلمه إياه، وبأنه ليس من الصلاة، فإنه ينافيها، ويخرج به منها، ولهذا لو أتى به في أثنائها
لأبطلها، وإذا لم يكن منها، علم أنه شرع منافيًا، والمنافي لا يتعين، وهذا غاية ما يحتج له به. والجمهور أجابوا عن هذه الحجج. أما حديث ابن مسعود: فقال الدارقطني والخطيب والبيهقي وأكثر الحفاظ: الصحيح أن قوله: "إذا قلت هذا فقد قضيت صلاتك" من كلام ابن مسعود. فصله شبابه عن زهير: وجعله من كلام ابن مسعود. وقوله أشبه بالصواب ممن أدرجه. وقد اتفق من روى تشهد ابن مسعود - رضي الله عنه - على حذفه.
وأما كون النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يعلمه المسيء في صلاته، فما أكثر ما يحتج بهذه الحجة على عدم واجبات في الصلاة ولا تدل. لأن المسيء لم يسيء في كل جزء من الصلاة. فلعله لم يسيء في السلام، بل هذا هو الظاهر. فإنهم يكونوا يعرفون الخروج منها إلَّا بالسلام.
وأيضًا فلو قدر أنه أساء فيه لكان غاية ما يدل عليه ترك التعليم استصحاب براءة الذمة من الوجوب، فكيف يقدم على الأدلة الناقلة لحكم الاستصحاب؟
وأيضًا، فأنتم لم توجبوا في الصلاة كل ما أمر به المسيء، فكيف تحتجون بترك أمره على عدم الوجوب؟ ودلالة الأمر على الوجوب أقوى من دلالة تركه على نفي الوجوب؟ فإنه قال: "إذا قمت إلى الصلاة فكبر" ولم توجبوا التكبير. وقال: "ثم اركع حتى تطمئن راكعًا"، وقلتم: لو ترك الطمأنينة لم تبطل صلاته وإن كان مسيئًا، وأما قولكم: إنه ليس من =

الصفحة 52