الثاني: أن يكون [ذلك] (¬1) راجعًا إلى سؤال المال وهو مناسب لقوله قبله وإضاعة المال. وقد وردت أحاديث في تعظيم تقبيح مسألة الناس، ومدح الله -عز وجل- تارك السؤال الكثير بقوله: {لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا} (¬2) أي إلحاحًا. فمفهومه ذم السائلين إلحافًا. وفي الحديث: "لا تزال المسألة بالعبد حتى يلقى الله وليس في وجهه مزعة لحم" (¬3) لا سيما من سأل من غير ضرورة تدعو إلى السؤال. ولا شك أن لفظ الحديث يدل على النهي عن كثرة السؤال لا على السؤال مطلقًا. وهو عام في سؤال الله -تعالى- والناس. خرج سؤال الله -تعالى- بالأمر به والحث عليه في قوله- تعالى-: {وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ} (¬4)، وقوله - عليه الصلاة والسلام - لابن عباس: "إذا سألت فاسأل الله" (¬5)، وهو مطلق كثيره وقليله. بقي القليل من سؤال الناس لبعضهم. وفي حديث رواه أبو داود أنه - عليه الصلاة والسلام - قال لبعض من
¬__________
(¬1) في ن ب ساقطة.
(¬2) سورة البقرة: آية 273.
(¬3) البخاري (14874) في الزكاة، ومسلم (1040) في الزكاة، والنسائي (5/ 94)، باب: المسألة، والشهاب القضاعي في مسنده (826)، والبيهقي في السنن (4/ 196) الزكاة، باب: كراهية السؤال والترغيب في تركه، والبغوي في السنة (6/ 119)، وأبو يعلي في مسنده (9/ 430).
(¬4) سورة النساء: آية 32.
(¬5) أحمد في المسند (1/ 307، 2/ 293)، والترمذي (2156)، والحاكم في المستدرك (3/ 541، 542).