بعضهم [وإنما] (¬1) حكى مالك عن من حكى صومه، وظن أنه كان يتحراه، ولم يقل مالك: إني أرى هذا, ولا أحبه، أعني تحريه. فيحمل أنه مذهبه. وهذا تأويل بعيد. وقد انصف الفاكهي منهم فقال: إنه قريب من التعسف. وظاهر قول مالك أو نصه وقوة سياقه يقتضي عدم كراهة صومه منفرداً بلا إشكال. و [قد] (¬2) أشار الباجي منهم إلى أن مذهب مالك يحتمل قولة أخرى له في صيام يوم الجمعة. فوافق الحديث. وهذا ليس ببعيد، كما قال الفاكهي.
وقال الداودي في كتاب "النصيحة" ما معناه: إن النهي إنما هو عن تحريه واختصاصه دون غيره.
وأنه متى صام معه يوماً آخر [وقد] (¬3) خرج عن النهي. وقد يرجح ما قاله قوله في الحديث السالف: "لا تخصوا يوم الجمعة بصيام من بين الأيام ولا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي" (¬4).
وقد اختلف العلماء في علة النهي على أقوال:
أحدها: [أنه يوم عيد] (¬5) فلا ينبغي صيامه. وروى الحاكم في
¬__________
(¬1) في ن ب (وإني).
(¬2) في ن ب ساقطة.
(¬3) في ن ب (فقد).
(¬4) مسلم (1144)، والبيهقي (4/ 302)، وابن خزيمة (1176)، والحاكم (1/ 311)، والنسائي في الكبرى (2/ 141)، من رواية أبي هريرة، ورُري عن أبي الدرداء عند أحمد (6/ 444)، والنسائي في الكبرى (2/ 142).
(¬5) في الأصل بياض.