ثم اختلف هؤلاء على أقوال كثيرة:
أحدها: أنها في السنة كلها. وممن قال به ابن مسعود (¬1) وأبو حنيفة وصاحباه. وقريب منه: أنها ليلة النصف من شعبان، حكاه القرطبي.
ثانيها: أنها من شهر رمضان كله. وهو قول ابن عمر وجماعة من الصحابة وروي مرفوعاً أيضاً. قال -تعالى-: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} (¬2) فجعله [محلاًّ عامًّا في لياليه وأيامه لنزول القرآن، ثم قال -تعالي-: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1)} (¬3) فجعله خاصًّا بليلة القدر منه.
ثالثها: أنها في العشر الوسط والأواخر.
¬__________
(¬1) مسلم (762، 1169)، وأبو داود (1332) كتاب الصلاة، باب: في ليلة القدر، والترمذي (793، 3351)، وفي المسند أيضاً. وقال ابن عبد البر -رحمنا الله وإياه- في التمهيد (2/ 208): وذكر الجوزجاني عن أبي حنيفة وصاحباه أنهم قالوا: ليلة القدر في السنة كلها، كأنهم ذهبوا إلى قول ابن مسعود: من يقم الحول يصبها. اهـ.
(¬2) أبو داود (1341). قال ابن عبد البر -رحمنا الله وإياه- في التمهيد (2/ 208): وروى سفيان وشعبة عن أبي إسحاق عن سعيد بن جبير عن ابن عمر أنه سئل عن ليلة القدر فقال: هي في كل رمضان. ورواه موسى بن عقبة عن أبي إسحاق عن سعيد بن جبير عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرفوعاً وقد قال بعض رواة أبي إسحاق في حديث ابن عمر هذا هي في رمضان كله". اهـ. سورة البقرة: آية 185، وسورة القدر: آية1.
(¬3) زيادة من ن ب د (2/ 534) (والقبس).