قال الشيخ تقي الدين (¬1): ويبقى النظر في قولنا "يحل" هل يتناول المكروه أم لا؟ بناء على أن لفظ "يحل" تقتضي الإِباحة المستوية الطرفين، فإن قلنا: لا يتناول المكروه، فالأمر قريب مما قاله، إلاَّ أنه تخصيص يحتاج إلى دليل شرعي عليه، وإن قلنا: يتناوله، فهو أقرب، لأن ما قاله لا يكون حينئذ منافياً لما دل عليه اللفظ.
الخامس: قوله -عليه الصلاة والسلام-: "لا يحل لامرأة" هو عام في كل امرأة سواء الشابة والعجوز، وحكى القاضي عياض (¬2) عن الباجي (¬3): أنه خصه بالشابة فأما الكبيرة فتسافر حيث شاءت كل الأسفار بلا زوج ولا محرم"، قال النووي (¬4). ولا نوافق عليه لأن المرأة مظنة الطمع فيها والشهوة ولو كانت كبيرة، وقد قالوا: لكل ساقطة لاقطة. ويجتمع في الأسفار من سفهاء [الناس] (¬5) وسقطهم، ما لا يرتفع عن الفاحشة بالعجوز وغيرها لغلبة شهوته وقلة دينه ومرؤته وكثرة خيانته، ونحو ذلك.
قال الشيخ تقي الدين (¬6): بعد أن نقل هذا الاعتراض عن بعض المتأخرين من الشافعية، والظاهر أنه أراد به النووي الذي قاله الباجي
¬__________
(¬1) إحكام الأحكام (3/ 489).
(¬2) ذكره في إكمال إكمال المعلم (3/ 436).
(¬3) المنتقى (7/ 304).
(¬4) شرح مسلم (9/ 105).
(¬5) في ن هـ (الإِسفار).
(¬6) إحكام الأحكام (3/ 487).