كتاب الإعلام بفوائد عمدة الأحكام (اسم الجزء: 9)

بطنها"، أي رمتها بحجر صغير لا يحصل به القتل غالبًا، فيكون شبه عمد، فيه الدية على العاقلة ولا يجب فيه القصاص ولا دية على الجاني. وكذا تحمل رواية الصحيح أيضًا أنها ضربتها بعمود فسطاط على ذلك. وبهذا قال الشافعي (¬1) والجمهور، لكن في رواية للبيهقي (¬2): "فقضى في الجنين بغرة وقضى أن تُقتل المرأة بالمرأة" ثم قال: إسناد صحيح، إلا أن هذه الزيادة الأخيرة لم أجدها في شيء من طرق الحديث، وإنما فيها أنه قضى بديتها على العاقلة.
قلت: وأخرج ابن حبان في صحيحه (¬3) هذه الرواية أيضًا، ورواية الصحيحين مقدمة عليها، ويحتمل في الجمع بينهما بأنه قضى أولًا بقتلها، ثم عفو إلى الدية، فقضى بها على عاقلتها.
سادسها: قوله: "فقتلتها وما في بطنها" ليس فيه ما يشعر بانفصال الجنين، ولا يفهم منه بخلاف حديث عمر الذي قبله؛ فإنه صرَّح في الانفصال وهو مشروط عند الشافعية في وجوب الغرة كما أسلفناه، ثم قال الشيخ تقي الدين (¬4): فيحتاج إلى تأويل هذه الرواية، وحملها على أنه انفصل، وإن لم يكن في اللفظ ما يدل عليه.
قلت: في "صحيح مسلم" في هذا الحديث ما يدل عليه، فإن فيه: "أنه -عليه الصلاة والسلام- قضى في جنين المرأة من بني
¬__________
(¬1) السنن الكبرى (8/ 113).
(¬2) السنن الكبرى (8/ 113).
(¬3) صحيح ابن حبان (6018).
(¬4) إحكام الأحكام (4/ 329).

الصفحة 110