كتاب الإعلام بفوائد عمدة الأحكام (اسم الجزء: 9)

قال القاضي (¬1): وهو حجة في أن المحارب لا يحسم لأنه ممن خير في حده بالقتل، لكن إن حسم نفسه لم يمنع. وأما السارق: فحده القطع فقط. فيبادر بحسمه لئلا ينزف دمه فيموت، وهو مذهب الشافعي وأبي ثور وغيرهما.
السابع عشر: قوله: "يستسقون فلا يسقون"، أي: يسألوا ذلك وهذا إخبار عن الواقع لا يقتضي بهذا ولا غيره. وقد أجمع العلماء كما نقله القاضي (¬2) على أن من وجب عليه القتل فاستسقى الماء أنه لا يمنع منه لئلا يجمع عليه عذابان وأجيب عن عدم سقايتهم بجوابين حسنين:
أحدهما: معاقبة بجنايتهم وكفرهم بسقيهم ألبان تلك الإِبل فعاقبهم الله تعالى بذلك فلم يسقوا.
ثانيهما: أنهم عوقبوا بذلك لإِعطاشهم آل بيت النبي - صلي الله عليه وسلم - بأخذ لقاحهم ودعائه -عليه الصلاة والسلام- عليهم بقوله: "عطش الله من عطش آل محمَّد الليلة" (¬3)، كما رواه النسائي فكان ترك الناس سقيهم إجابة لدعائه - صلى الله عليه وسلم -.
ووجه ثالث حسن: وهو ما ثبت في الصحيح أنهم قتلوا الرعاة وارتدوا عن الإِسلام فلا حرمة لهم إذن من سقي الماء ولا غيره وهذا معنى قول أبي قلابة: و"كفروا بعد إيمانهم".
¬__________
(¬1) ذكره في إكمال إكمال المعلم (4/ 412).
(¬2) ذكره في إكمال إكمال المعلم (4/ 411).
(¬3) انظر تخريج حديث الباب.

الصفحة 140