كتاب الإعلام بفوائد عمدة الأحكام (اسم الجزء: 9)

"نهايته" عنه. وكذا ادعى نسخه ابن شاهين (¬1) بحديث كثير بن شنظير عن الحسن بن عمران قال: ما قام فينا رسول الله - صلي الله عليه وسلم - خطيبًا إلا أمرنا بالصدقة ونهانا عن المثلة، وقال: هذا الحديث ينسخ كل مثلة كانت في الإِسلام، قلت: في سماع الحسن من عمران خلاف (¬2).
وقال ابن الجوزي في كتابه: "الإعلام" (¬3) ادعاء النسخ يحتاج إلى التاريخ، وقد قال العلماء إنما سمل أعين أولئك لأنهم سملوا أعين الرعاة فاقتص منهم بمثل ما فعلوا والحكم بذلك ثابت وما حكاه عن العلماء قد أسلفته حديثًا صحيحًا مصرحًا به، لكن اعترض الشيخ تقي الدين على ما ذكره ابن الجوزي فقال: الحديث وردت فيه المثلة من جهات عديدة وأشياء كثيرة فهب أنه ثبت القصاص في سمل الأعين فما يصنع بباقي ما جرى في المثلة فلابد له فيه من جواب غير هذا، وقد رأيت عن الزهري في قصة العرنيين أنه ذكر
¬__________
(¬1) الناسخ والمنسوخ لابن شاهين (420).
(¬2) قال الذهبي -رحمنا الله وإياه- في السير (4/ 567): قائلًا في إثبات سماع الحسن من عمران وقد صح سماعه في حديث العقيقة، وفي حديث النهي عن المثلة". اهـ.
(¬3) الإِعلام في الناسخ والمنسوخ (تفسير آية المائدة (23))، قال ابن حجر -رحمنا الله وإياه- (1/ 341): ويدل عليه ما رواه البخاري في الجهاد من حديث أبي هريرة في النهي عن التعذيب بالنار بعد الإِذن فيه، وقصة العرنيين قبل إسلام أبي هريرة، وقد حضر الإذن ثم النهي، وروى قتادة عن ابن سيرين أن قصتهم كانت قبل أن تنزل الحدود، ولموسى بن عقبة في "المغازي" وذكروا أن النبي - صلي الله عليه وسلم - نهى بعد ذلك عن المثلة بالآية التي في سورة المائدة، وإلى هذا مال البخاري، وحكاه إمام الحرمين في "النهاية" عن الشافعي. اهـ.

الصفحة 143