كتاب الإعلام بفوائد عمدة الأحكام (اسم الجزء: 9)

الوجه الرابع في ألفاظه ومعانيه:
قوله: "أتى رجل من المسلمين فقال"، إلى آخره. هذا هو المشهور أنه بدأ بالسؤال وحديث ابن عباس في الصحيح ظاهره أنه -عليه الصلاة والسلام- هو الذي بدأه به. قال القرطبي (¬1): وهذا أحد المواضع الثلاثة المضطربة في حديث ماعز.
وثانيها: في الحفر له وسيأتي.
وثالثها: في الصلاة عليه، وكذا في الاستغفار له، وكلها في الصحيح.
وقوله: "حتى ثنى ذلك عليه أربع مرات" هو بتخفيف النون، أي: كرره أربع مرات. وقوله: "أبك جنون"؟ إنما قاله تخفيفًا لحاله فإن الإنسان غالبًا لا يصبر على الإقرار بما يقتضي قتله من غير سؤال مع أن له طريق إلى سقوط الإِثم بالتوبة. وهي أستر له أو يبرر واقعته في صورة استفتاء وفعل ما أمر. وفي رواية في الصحيح "أنه -عليه الصلاة والسلام- سأل قومه عنه فقالوا: ما نعلم به بأسًا". وهذا مبالغة في تحقيق حاله. [و] (¬2) في صيانة دم المسلم فينبني الأمر عليه لا على مجرد إقراره بعدم الجنون فإنه لو كان مجنونًا لم يفد.
قوله: "إنه ليس به جنون". لأن إقرار المجنون غير معتبر فهذا هو الحكمة في سؤاله عن ذلك. وقال القرطبي (¬3): في "مفهمه" إنما قاله لما ظهر عليه من الحال التي تشبه حال الجنون وذلك أنه
¬__________
(¬1) المفهم (5/ 102).
(¬2) في ن هـ ساقطة.
(¬3) المفهم (5/ 89).

الصفحة 177